منتديات الحفظة للقرآن الكريم |
|
| سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين | |
|
+4ماشي في نور الله نور الهدى اللؤلؤة المكنونة عبد الحي 8 مشترك | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 10:53 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني أن أقدم لكم هذا التفسير - المتواضع - و الذي هو عبارة عن تفسير سهل ميسر جمعته و رتبته من أربعة تفاسير– تفسير السعدي , أيسر التفاسير للجزائري , اختصار تفسير ابن كثير لأحمد شاكر , و محاسن التأويل للقاسمي – لعلّه أن يكون مرجعا مفيدا لكل المسلمين وطلبة العلم المبتدئين
فاللهم إنك أنت المعين
و إن شاء الله تعالى سنبدأ من سورة الناس | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 10:55 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الناسسورة الناس مدنية عدد آياتها ستة
( قل أعوذ بربّ الناس ) أي ألجأ إليه و أستعين به , و " رب الناس " الذي يربيهم بقدرته و مشيئته و تدبيره , و هو رب العالمين كلهم و الخالق للجميع .
( ملك الناس ) أي الذي ينفذ فيهم أمره و حكمه و قضاؤه و مشيئته دون غيره .
( إله الناس ) أي معبودهم الحق و ملاذهم إذا ضاق بهم الأمر , دون كل شيء سواه , و الإله المعبود الذي هو المقصود بالإرادات و الأعمال كلها .
( من شر الوسواس الخناس )
" من شر الوسواس " الذي هو الشيطان الموسوس في صدور الناس و ذلك بصوت خفي لا يسمع فيلقي الشبه في القلب , و المخاوف و الظنون السيئة و يزين القبيح و يقبح الحسن و ذلك متى غفل المرء عن ذكر الله تعالى . " الخناس " هذا وصف للشيطان من الجن فإنه إذا ذكر العبد ربه خنس أي استتر و كأنه غاب و لم يغب فإذا غفل العبد عن ذكر الله عاد للوسوسة , لأنه لا يوسوس إلا مع الغفلة . قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله " الوسواس الخنّاس " , قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم , فإذا سها و غفل وسوس , فإذا ذكر الله خنس , و كذا قال مجاهد و قتادة . و قال المعتمر بن سليمان عن أبيه : ذُكر لي أن الشيطان , أو : الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن و عند الفرح , فإذا ذكر الله خنس. و قال العوفي عن ابن عباس في قوله " الوسواس " قال : هو الشيطان يأمر , فإذا أطيع خنس .
( الذي يوسوس في صدور النّاس ) هل يختص هذا ببني آدم - كما هو ظاهر - أو يعم بني آدم و الجن ؟ فيه قولان , و يكونون - أي الجن - قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا . قال ابن جرير : و قد استعمل فيهم " رجال من الجن " فلابدع في إطلاق الناس عليهم .
( من الجنّة و الناس ) هل هو تفصيل لقوله " الذي يوسوس في صدور الناس " ثم بينهم فقال " من الجنّة و الناس " و هذا يقوي القول الثاني , و قيل قوله " من الجنة و الناس " تفسير للذي يُوسوس في صدور الناس , من شياطين الإنس و الجن , كما قال تعالى " و كذلك جعلنا لكل نبي عدوّا شياطين الإنس و الجن يُوحي بعضهم إلى بعض زُخرف القول غرورا " , فالموسوس للإنسان كما يكون من الجن يكون من الناس , و الإنسان يوسوس بمعنى يعمل عمل الشيطان في تزيين الشر و تحسين القبيح و إلقاء الشبه في النفس , و إثارة الهواجس و الخواطر بالكلمات الفاسدة و العبارة المضللة حتى إن ضرر الإنسان على الإنسان أكبر من ضرر الشيطان على الإنسان , إذ الشيطان من الجن يطرد بالإستعاذة و شيطان الإنس لا يطرد بها و إنما يصانع و يُدارى للتخلص منه . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 10:57 am | |
| لطـــيفة :
قال ابن تيمية : الفرق بين الإلهام المحمود و بين الوسوسة المذمومة هو الكتاب و السنة , فإن كان مما ألقي في النفس مما دل الكتاب و السنة على أنه تقوى الله , فهو من الإلهام المحمود , و إن كان مما دلّ على أنه فجور , فهو من الوسواس المذموم , و هذا الفرق مطرد لا ينقض .
و قد ذكر أبو حزم في الفرق بين وسوسة النفس و الشيطان , فقال : ما كرهته نفسك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه , و ما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه .
تنبيه :
في تفسير الجزائري لسورة الناس - في الحاشية - ذكر حديث رواه النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر و من سحر فقد أشرك و من تعلق شيئا و كل إليه " و هو حديث ضعفه الإمام الألباني , لكن جملة التعليق ثبثت في الحديث ( الترمذي 2167 ) , فأرجوا ممن يملك تفسير الجزائري الذي فيه الحاشية أن يكتب في نسخته أن هذا الحديث ضعيف إلا الجملة المذكورة أنفا . | |
| | | اللؤلؤة المكنونة حافظ ذهبي
عدد الرسائل : 519 تاريخ التسجيل : 30/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 11:19 am | |
| جزاك الله خير ااخي بارك الله فيك | |
| | | نور الهدى حافظ ذهبي
عدد الرسائل : 348 تاريخ التسجيل : 31/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 1:01 pm | |
| جزيت خير جزاء اخى بارك الله فيك. | |
| | | ماشي في نور الله حافظ ذهبي
عدد الرسائل : 108 تاريخ التسجيل : 05/06/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 20, 2008 1:07 pm | |
| جزاك الله خير ااخي بارك الله فيك | |
| | | زهرة الإسلام مشرفة
عدد الرسائل : 1025 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين السبت يونيو 21, 2008 1:09 am | |
| و الله يا أخي احنا في أمس الحاجة الى هذه السلسلة المباركة بارك الله فيك و يا ربي يوفقك و يعينك | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين السبت يونيو 21, 2008 6:39 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته بارك الله فيكم و أجزل لكم المثوبة و العطاء و إن شاء الله تعالى ستجدون ما يسركم | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين السبت يونيو 21, 2008 4:08 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الفلق سورة الفلق مدنية عددآياتها خمسة
فضلها هي و سورة الناس :
روى مسلم عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ) . و عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين و ينفث , فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه , و أمسح بيده عليه رجاء بركتها . رواه البخاري و عن أبي سعيد : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتعوذ من أعين الجان و عين الإنسان , فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما , و ترك ما سواهما " . رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجه , و قال الترمذي : حديث حسن . قلت ( عبد الحي ) : و قد صححه الإمام الألباني .
( قل أعوذ برب الفلق ) : أي ألوذ به و ألتجئ إليه " الفلق " عن جابر قال : الفلق : الصبح , و قال العوفي عن ابن عباس : الفلق : الصبح . و روى عن مجاهد و سعيد بن جبير و قتادة مثل هذا . قال ابن يزيد و ابن جرير : و هي كقوله تعالى ( فالق الإصباح ) . و هذا هو الصحيح و هو اختيار البخاري في صحيحه . و أما من قال إنه واد في جهنم أو شجرة في جهنم أو أنه اسم من أسماء جهنم فهذا أمر لا نعرف صحته , لا بدلالة الإسم عليه , و لا بنقل عن النبي صلى الله عليه و سلم , و لا في تخصيص ربوبيته بذلك حكمة .
( من شر ما خلق ) أي : من شر جميع المخلوقات , و قال ثابت البناني و الحسن البصري : جهنم و إبليس و ذريته مما خلق .
( و من شر غاسق إذا وقب ) أي من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس , و تنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة , و الحيونات المؤذية , قال ابن تيمية : ...فإن الغاسق قد فسر بالليل كقوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " و هذا قول أكثر المفسرين و أهل اللغة .
( ومن شر النفّاثات في العقد ) قال ابن جرير : أي و من شر السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها , و به قال أهل التأويل - قلت ( عبد الحي : أي أهل التفسير ) - و الإستعاذة من شرهن له ثلاثة أوجه : 1 - أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر , و من إثمهن في ذلك 2 - أن يستعاذ من فتنتهن الناس بسحرهن و ما يخدعنهم به من باطلهن 3 - أن يستعاذ مما يصيب الله به من الشر عند نفثهن . قاله الزمخشري . و النفث هو إخراج هواء من الفم بدون ريق .
( و من شر حاسد إذا حسد ) قال الزمخشري : أي إذا أظهر حسده و عمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود , لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره , فلا ضرر يعود منه على من حسده , بل هو الضّار لنفسه , لاغتمامه بسرور غيره . و الحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب , فاحتيج إلى الإستعاذة بالله من شره , و إبطال كيده , و يدخل في الحاسد العاين , لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع , خبيث النفس . و الحسد حرام و هو أول ذنب عصي به الله تعالى إذ حسد إبليس آدم و حسد قابيل هابيل . و هذه السورة تضمنت الإستعاذة من جميع أنواع الشر , عموما و خصوصا , و دلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره , و يستعاذ بالله منه و من أهله . | |
| | | admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 733 تاريخ التسجيل : 27/03/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين السبت يونيو 21, 2008 4:20 pm | |
| جزاك الله خيرا أخي الحبيب.. واصل طريقك.. بارك الله فيك.. ونفعنا وإياك بما علمنا.. وعلمنا ما جهلنا.. | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الإثنين يونيو 23, 2008 2:10 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الإخلاص
سورة الإخلاص مكية عدد آياتها أربعة
- سبب نزولها :
عن أبي بن كعب : أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : يا محمد أنسب لنا ربك , فأنزل الله : " قل هو الله أحد , الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد " رواه الإمام أحمد و الترمذي و ابن جرير و حسّنه الإمام الألباني .
- فضلها :
روى البخاري عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ " فشق ذلك عليهم و قالوا : أينا يُطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : " الله الواحد الصمد ثلث القرآن " . و روى البخاري عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه , ثم نفث فيهما فقرأ فيهما ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) , ثم يمسح بهما ما استطاع من جسد , يبدأ بهما على رأسه ووجهه , و ما أقبل من جسده , يفعل ذلك ثلاث مرات " .
( قل هو الله أحد ) " قل " قولا جازما به , معتقدا له , عارفا بمعناه " هو الله أحد " أي : قد انحصرت فيه الأحدية , فهو الأحد المنفرد بالكمال , الذي له الأسماء الحسنى , و الصفات الكاملة العليا , و الأفعال المقدسة , الذي لا نظير له و لا مثيل .
( الله الصمد ) أي : الله الذي لا تنبغي العبادة إلا له . قال الغزالي : الله الصمد أي الذي يصمد إليه في الحوائج , و يقصد إليه في الرغائب , إذ ينتهي إليه منتهى السؤدد , و قال ابن جرير : الصمد عند العرب هو السيد الذي يصمد إليه , الذي لا أحد فوقه , و كذلك تسمى أشرافها . و قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : و في الصمد للسلف أقوال متعددة , قد يظن أنها مختلفة و ليست كذلك بل كلها صواب , و المشهور منها قولان : 1 - أن الصمد هو الذي لا جوف له 2 - أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج . و الأول هو قول أكثر السلف من الصحابة و التابعين و طائفة من أهل اللغة , و الثاني قول طائفة من السلف و الخلف و جمهور اللغويين .
( لم يلد و لم يولد ) " لم يلد " أي لم يكن له ولد لانتفاء من يجانسه إذ الولد يجانس والده , و المجانسة منفية عنه تعالى إذ ليس كمثله شيء . " و لم يولد " لانتفاء الحدوث عنه تعالى . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( قال الله عز وجل : كذبني ابن آدم و لم يكن له ذلك , و شتمني و لم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يُعيدني كما بدأني , و ليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته , و أما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا و أنا الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ) رواه البخاري .
( و لم يكن له كفوا أحد ) أي لم يكن أحدا كفوا له و لا مثيلا و لا نظيرا و لا شبيها , لا في أسمائه و لا في أوصافه و لا في أفعاله , إذ ليس كمثله شيء و هو السميه البصير. قال مجاهد ( و لم يكن له كفوا أحد ) يعني : لا صاحبة له , و هذا كما قال تعالى ( بديع السماوات و الأرض أنّى يكون له ولد و لم يكن له صاحبة و خلق كلّ شيء ) أي هو مالك كل شيء و خالقه , فكيف يكون له من خلقه من نظير يساميه , أو قريب يدانيه , تعالى و تقدّس و تنزّه . قال ابن القيم في زاد المعاد ( .. فسورة الإخلاص متضمنة لتوحيد الإعتقاد و المعرفة , و ما يجب إثباته للرب تعالى من الأحدية المنافية لمطلق الشركة بوجه من الوجوه , و الصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه , و نفى الولد و الوالد الذي هو من لازم الصمدية و غناه و أحديثه , و نفيُ الكفؤ المتضمن لنفي التشبيه و التمثيل و التنظير : فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له , و نفي كل نقص عنه و نفي إثبات شبيه أو مثل له في كماله و نفي مطلق الشريك عنه , و هذه الأصول هي مجامع التوحيد العلميّ الإعتقاديّ الذي يباين صاحبه جميع فرق الضلالة و الشرك ) . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الأربعاء يونيو 25, 2008 3:50 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة المسد
سورة المسد مكية عدد آياتها خمسة
- سبب نزولها :
روى البخاري عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى البطحاء . فصعد الجبل فنادى : " ياصباحاه " , فاجتمعت إليه قريش , فقال : " أرأيتم إن حدّثتكم أن العدوّ مُصبحكم أو مُمْسيكم أكنتم تصدقوني ؟ " قالوا : نعم , قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " , فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك , فأنزل الله : " تبت يدا أبي لهب و تبّ " . إلى آخرها . و في رواية - عند البخاري أيضا - : فقام ينفض يديه , و هو يقول : تبا لك سائر اليوم , ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله : " تبت يدا أبي لهب و تبّ " .
( تبت يدا أبي لهب ) أي خسرت و خابت , و ضل عمله و سعيه . و هذه الجملة دعائية و لذا هلك - أبو لهب - بمرض خطير اسمه العدسة فمات و أقام ثلاثة أيام لم يدفن حتى أنتن ثم إن ولده أراقوا عليه الماء من بعيد مخافة عودى العدسة ؟ إذ كانت العرب تتقي هذا المرض كما يتقى الطاعون . و أبو لهب هذا هو أحد عمومة النبي صلى الله عليه و سلم و اسمه عبد العزّى , و قد اشتهر بكنيته و عرف بها لولدٍ له يقال له لهب , أو لتلهب وجنتيه و إشراقهما , مع الإشارة إلى أنه من أهل النار , و أن مآله إلى نار ذات لهب , فوافقت حاله كنيته , فحسن ذكره بها .
( و تبّ ) إخبار من الله تعالى بهلالك عبد العزّى أبي لهب .
( ما أغنى عنه ماله و ما كسب ) لما سخط الله عليه و أدخله ناره لم يغن عنه أي لم يدفع عنه العذاب ماله و لا ولده , حيث ذكر عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما دعا قومه إلى الإيمان , قال أبو لهب : إذا كان ما يقول ابن أخي حقا , فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي , فأنزل الله : " ما أغنى عنه ماله و ما كسب " .
( سيصلى نارا ذات لهب ) أي نار ذات شرر و لهيب و إحراق شديد , فتحيط به من كل جانب جزاء ما كان يأتيه من مقاومة الحق و مجاحدته .
( و امرأتُه حمالة الحطب ) " وامرأتُه " هي أم جميل العوراء , كانت من سادات نساء قريش , و اسمها أروى بنت حرب بن أمية و هي أخت أبي سفيان , و قد كانت عونا لزوجها على كفره و جحوده و عناده , فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم . " حمالة الحطب " حيث كانت تأتي بشوك السعدان و تضعه في طريق النبي صلى الله عليه و سلم عند ذهابه إلى صلاة الصبح بالمسجد الحرام. أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها . و قيل لأنها كانت تحطب الكلام و تمشي بالنميمة كما قاله مجاهد و عكرمة و قتادة . قال الزمخشري : و يقال للمشّاء بالنمائم بين الناس , يحمل الحطب بينهم , أي يوقد بينهم و يورث الشر .
( في جيدها حبل من مسد ) قال مجاهد و عروة : من مسد النار , و قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة , فقالت : لأنفقها في عداوة محمد , يعني : فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار , و عن الشعبي قال : المسد : الليف . قال مجاهد : " في جيدها حبل من مسد " أي طوق من حديد , ألا ترى أن العرب يسمون البَكْرة مسد ؟ قال بعض أهل العلم : أي في عنقها حبل من نار جهنم تُرفع به إلى شفيرها , ثم ترمى بها إلى أسفلها , ثم كذلك دائما .
قال الإمام : قد أنزل الله في أبي لهب و في زوجته هذه السورة , ليكون مثلا يعتبر به من يعادي ما أنزل الله على نبيه , مطاوعة لهواه و إيثارا لما ألفه من العقائد و العوائد و الأعمال , و اغترار بما عنده من الأموار , و بماله من الصولة أو من المنزلة في قلوب الرجال , و أنه لا تغني عنه أمواله و لا أعماله شيئا , و سيصلى ما يصلى , نسأل الله العافية . | |
| | | admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 733 تاريخ التسجيل : 27/03/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الأربعاء يونيو 25, 2008 3:58 am | |
| وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. متعنا اخي الحبيب متعك الله بالصحة والعافية.. وطول العمر في طاعته.. | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الجمعة يونيو 27, 2008 4:23 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة النصر
سورة النصر مدنية عدد آياتها ثلاثة , و أجمعوا على أنها آخر سورة نزلت جميعا , هذا قاله ابن عباس رضي الله عنه كما في صحيح مسلم
روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : " لما نزلت ( إذا جاء نصر الله و الفتح ) قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعيت إليَّ نفسي " بأنه مقبوض في تلك السنة " - قال الشيخ شاكر إسناده صحيح - , و هكذا قال مجاهد و أبو العالية و الضحاك , و غير واحد : إنها أجل رسول الله صلى الله عليه و سلم نُعي إليه . و روى البخاري عن ابن عباس قال : " كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدر , فكأن بعضهم وجد في نفسه , فقال : لم يَدْخل هذا معنا و لنا أبناء مثله ؟ فقال عمر : إنه ممن قد علمتم , فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم , فما رئيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليُريهم فقال : ما تقولون في قول الله عز وجل ( إذا جاء نصر الله و الفتح ) ؟ فقال بعضهم : " أمرنا أن نحمد الله و نستغفره إذا نصرنا و فُتح علينا " , و سكت بعضهم فلم يقل شيئا , فقال لي : أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت : لا , فقال : ما تقول ؟ فقلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلمه له , قال : ( إذا جاء نصر الله و الفتح ) فذلك علامة أجلك ( فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا ) . فقال عمر بن الخطاب : " لا أعلم منها إلا ما تقول " . أما المعنى الذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر , فهو معنى مليح صحيح , و قد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات , فقال قائلون : هي صلاة الضحى , و أجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها , فكيف صلاها ذلك اليوم و قد كان مسافرا لم يَنْوِ الإقامة بمكة ؟ و لهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريبا من تسعة عشر يوما يقصر الصلاة و يُفطر هو و جميع الجيش , و كانوا نحوا من عشرة ألاف . قال هؤلاء : و إنما كانت صلاة الفتح , قالوا : فيستحب لأمير الجيش إذا فتح بلدا أن يصلي فيه أول ما يدخل ثماني ركعات , و هكذا فعل سعيد بن أبي وقاص يوم فتح المدائن . ثم قال بعضهم : يصليها كلها بتسليمة واحدة , و الصحيح أنه يسلم من كل ركعتين .
( إذا جاء نصر الله ) أي لدينه الحق على الباطل .
( و الفتح ) و المراد بالفتح ها هنا فتح مكة قولا واحدا , فإن أحياء العرب كانت تَتَلَوَّم بإسلامها فتح مكة , يقولون : إن ظهر على قومه فهو نبي , فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا , فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا , و لم يبقى في سائر قبائل العرب إلا مُظهر للإسلام , و لله الحمد و المنة . و هذا هو قوله تعالى : " و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " .
( فسبح بحمد ربك ) أي فنزه ربك عن أن يهمل الحق و يدعه للباطل يأكله , و عن أن يخلف وعده في تأييده , و ليكن هذا التنزيه بواسطة حمده و الثناء عليه بأنه القادر الذي لا يغلبه غالب .
( و استغفره ) أي إسأله أن يغفر لك و لأصحابك ما كان من القلق و الضجر و الحزن , لتأخر زمن النصر .
( إنه كان توّابا ) أي إن الله تعالى الذي أمرك بالإستغفار توبة إليه كان توابا على عباده يقبل توبتهم فيغفر ذنوبهم و يرحمهم .
روى البخاري عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول في ركوعه و سجوده : سبحانك اللهم ربنا و بحمدك , اللهم اغفر لي يتأول القرآن " . و روى مسلم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر في آخر أمره من قول : سبحان الله و بحمده , أستغفر الله و أتوب إليه , و قال : إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي , و أمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده و أستغفره , إنه كان توابا , فقد رأيتها ( إذا جاء نصر الله و الفتح , و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا , فسبح بحمد ربك و اسغفره إنه كان توّابا ) .
تنبيه :
ذكر الشيخ أحمد شاكر و الشيخ الجزائري أن سورة النصر تعدل ربع القرآن و سورة الزلزلة تعدل ربع القرآن , قلت ( عبد الحي ) : و الحديث الذي يدل على ذلك حديث ضعيف أنظر ضعيف الترغيب و الترهيب ( 1 / 890 ) , و الشيخ الجزائري نفسه أشار أن الحديث ضعيف في تفسير سورة الزلزلة ( ص 1489 ) | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين السبت يونيو 28, 2008 3:27 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الكافرون
سورة الكافرون مكية عدد آياتها ستة .
سبب نزولها :
نزلت ردا على اقتراح تقدم به بعض المشركين و هم الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل السهمي و الأسود بن المطلب و أمية بن خلف , مفاده أن يعبد النبي صلى الله عليه و سلم معهم آلهتهم سنة و يعبدون معه إلهه سنة مصالحة بينهم و بينه و إنهاء للخصومات في نظرهم , و لم يجبهم الرسول صلى الله عليه و سلم بشيء حتى نزلت هذه السورة ( قل يا أيها الكافرون ) .
فضلها :
جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ... " و قل يا أيها الكافرون " تعدل رُبع القرآن ) حسن لغيره . صحيح الترغيب و الترهيب ( 2 / 1477 ) .
( قل يا أيها الكافرون ) شمل كل كافر على وجه الأرض , و لكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفار قريش .
( لا أعبد ما تعبدون ) أي تبرَّأ مما كانوا يعبدون من دون الله , ظاهرا و باطنا .
( و لا أنتم عابدون ما أعبد ) لعدم إخلاصكم لله في عبادته , فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة .
( و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد ) " و لا أنا عابد " أي فيما أستقبل " ما عبدتم " أي فيما مضى " و لا أنتم عابدون " أي فيما تستقبلون أبدا " ما أعبد " أي الآن و فيما أستقبل , هكذا فسره الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى , ثم قال : و إنما قيل ذلك كذلك , لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين , قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , و سبق لهم ذلك في السابق من علمه , فأمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يؤيسهم من الذين طمعوا فيه و حدثوا به أنفسهم , و إن ذلك غير كائن منه و لا منهم في وقت من الأوقات , و آيس نبي الله صلى الله عليه و سلم من الطمع في إيمانهم , و من أن يفلحوا أبدا , فكانوا كذلك لم يفلحوا و لم ينجحوا , إلى ان قتل بعضهم يوم بدر بالسيف , و هلك بعضٌ قبل ذلك كافراً .
( لكم دينكم و لي دين ) " لكم دينكم " تقرير لقوله تعالى ( لا أعبد ما تعبدون ) و قوله تعالى ( و لا أنا عابد ما عبدتم ) كما أن قوله تعالى " و لي دين " تقرير لقوله تعالى ( و لا أنتم عابدون ما أعبد ) و المعنى أن دينكم , الذي هو الإشراك , مقصور على الحصول لكم , لا يتجاوزه إلى الحصول لي أيضا , كما تطمعون فيه , فإن ذلك من المحالات , و أن ديني الذي هو التوحيد , مقصور على الحصول لي , لا يتجاوزه إلى الحصول لكم , فلا مشاركة بينه و بين ما أنتم عليه . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الأحد يونيو 29, 2008 1:28 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الكوثر
و تسمى سورة النحر
مكية و عدد آياتها ثلاث .
ما هو الكوثر :
روى مسلم عن أنس بن مالك قال : ( بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه و قال أنزلت عليّ آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم : " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك و انحر إن شانئك هو الأبثر " , ثم قال أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا الله و رسوله أعلم قال فإنه نهر و عدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم , فيختلج العبد منهم , فأقول : رب إنه من أمتي , فيقول : إنك لا تدري ما أحدث بعدك ) - و ظاهر هذه الرواية أن سورة الكوثر مدنية و لا مانع من نزولها مرتين مرة بمكة و أخرى بالمدينة - , و عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب , و الماء يجري على اللؤلؤ , و ماؤه أشد بياضا من اللبن , و أحلى من العسل ) إسناده صحيح .
( إنّا أعطيناك الكوثر ) روى الإمام أحمد عن أنس أنه قرأ هذه الآية " إنا أعطيناك الكوثر " قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أعطيت الكوثر , فإذا هو نهر يجري , و لم يُشق شقا , و إذا حافتاه قباب اللؤلؤ , فضربت بيدي في تربته , فإذا مسكه ذَفَرة ,و إذا حصاه اللؤلؤ ) . إسناده صحيح , و روى البخاري عن أبي عبيدة عن عائشة قال : سألتها عن قوله تعالى " إنا أعطيناك الكوثر " قالت : ( نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه و سلم , شاطئاه عليه دُرّ مجوف آنيته كعدد النجوم ) , ثم قال البخاري عن ابن عباس أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه , و قال كذلك - أي ابن عباس - الكوثر : الخير الكثير . و هذا تفسير يعم النهر و غيره , لأن الكوثر من الكثرة و هو الخير الكثير و من ذلك النهر كما قال ابن عباس و عكرمة و سعيد بن جبير و مجاهد . و من الكوثر يملأ الحوض الذي في عرصات القيامة و لا يرده إلا الصالحون من أمته صلى الله عليه و سلم .
( فصلّ لربك و انحر ) أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا و الآخرة , و من ذلك النهر الذي تقدم صفته فأخلص لربك صلاتك المكتوبة و النافلة و نَحْرَك , فاعبده وحده لا شريك له و انحر على اسمه وحده لا شريك له كما قال تعالى " قل إنّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أوّل المسلمين " . و خصّ هاتين العبادتين بالذكر لأنهما من أفضل العبادات و أجلّ القربات , و لأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب و الجوارح للّه , و تنقلها في أنواع العبودية , و في النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر و إخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته و الشح به . و في الآية دليل على وجوب تقديم صلاة العيد على النحر و هو ما عليه جمهور الفقهاء - قلت ( عبد الحي ) : روى البخاري عن البراء بن عازب قال : ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم النّحر بعد الصلاة , فقال : من صلّى صلاتنا و نسك نسكنا فقد أصاب النسك , و من نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم ) - . و جائز أن يكون المراد من صلّ لربك و انحر أي صلّ صلاة الصبح بمزدلفة وانحر هديك بمنى .
( إنّ شانئك هو الأبتر ) أي إن مبغضك - يا محمد - و مبغض ماجئت به من الهدى و الحق و البرهان الساطع و النور المبين , هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكرُهُ . قال ابن عباس و مجاهد و سعيد بن جبير , و قتادة : نزلت في العاص بن وائل . و قال شَمِر بن عطية : نزلت في عقبة بن أبي معيط , و قال ابن عباس أيضا , و عكرمة : نزلت في كعب بن الأشرف و جماعة من كفار قريش . و قال عطاء : نزلت في أبي لهب , و عن ابن عباس : نزلت في أبي جهل . قال ابن كثير : و الآية تعم جميع من اتصف بذلك , ممن ذكر و غيرهم . " هو الأبتر " أي المقطوع من كل خير , مقطوع العمل , مقطوع الذِكر , و أما محمد صلى الله عليه و سلم فهو الكامل حقا , الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق من رفع الذِكر , و كثرة الأنصار و الأتباع صلى الله عليه و سلم . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الإثنين يونيو 30, 2008 4:00 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الماعون
هي مكية الأوائل مدنية الأواخر و آياتها سبع آيات
قوله تعالى ( أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم و لا يحض على طعام المسكين ) هذه الآيات الثلاث نزلت بمكة في العاص بن وائل و الوليد بن المغيرة و أضرابهم من عتاة قريش و كفارهم فهذه الآيات تُعرِّض بهم و تندد بسلوكهم و توعدهم .
( أرأيت الذي يكذب بالدين ) أي بثواب الله و عقابه , فلا يطيعه في أمره و نهيه , قال أبو سعود : استفهام أريد به تشويق السامع إلى معرفة من سيق له الكلام و التعجيب منه .
( فذلك الذي يَدُعُّ اليتيم ) أي : هو الذي يقهر اليتيم و يظلمه حقه , و لا يطعمه و لا يحسن إليه و لا يرحمه لقساوة قلبه , و لأنه لا يرجو ثوابا و لا يخشى عقابا .
( و لا يحضُّ على طعام المسكين ) أي لا يحثّ غيره من ذوي اليسار على إطعام المحتاج و سدّ خلته , بل يبخل بسعيه عند الأغنياء لإغاثة البؤساء , قال أبو سعود : و إذا كان حال من ترك حث غيره على ما ذكر , فماظنك بحال من ترك ذلك مع القدرة ؟ .
قوله تعالى ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون و يمنعون الماعون ) هذه الآيات الأربع نزلت في بعض منافقي المدينة النبوية فلذا نصف السورة مكي و نصفها مدني .
( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) هذا وعد شديد لهم إذ الويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار و قيوحهم و هو أشد العذاب إذ كانوا يُغْمَسون فيه أو يطعمون و يشربون منه . و معنى عن صلاتهم ساهون قال ابن جرير : " أي لاهون يتغافلون عنها و ذلك باللهو عنها و التشاغل بغيرها , و تضييعها أحيانا و تضييع وقتها أخرى " و مفوتون لأركانها , و هذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة , التي هي أهم الطاعات و أفضل القربات . قلت ( عبد الحي ) : فإن كان هذا حالهم مع أجل الطاعات فإهمالهم لباقي العبادات و القربات أكثر و أوسع , و تضييعها على النفس أسهل و أطوع .
( الذين هم يراءون ) أي يراؤون الناس بصلاتهم إذا صلوا لأنهم لا يصلّون رغبة في ثواب , و لا رهبة من عقاب , و إنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنوهم منهم فيكفوا عنهم , لأن بالمراءاة يدرءون عن أنفسهم القتل و السبي .
( و يمنعون الماعون ) أي ما يعان به الخلق و يصرف في معونتهم من الأموال و الأمتعة و كل ما ينتفع به , فإذا استعارهم مؤمن ماعونا للحاجة به لا يعيرونه و يعتذرون بمعاذير باطلة , فهؤلاء لمنع الزاكة و أنواع القربات أولى و أولى . روى ابن جرير عن عبد الله قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم نتحدث أن الماعون الدلو , و الفأس و القِدر لا يستغنى عنهن . و قال ابن عباس ( و يمنعون الماعون ) يعني : متاع البيت , و كذا قال مجاهد و إبراهيم النَّخعي و سعيد بن جبير و غير واحد : إنها العاريّة للأمتعة . و قال عكرمة : رأس الماعون زكاة المال , و أدناه المنخل , و الدلو , و الإبرة . و هذا الذي قاله عكرمة حسن , فإنه يشمل الأقوال كلها , و ترجع كلها إلى شيء واحد , و هو ترك المعاونة بمال أو منفعة . | |
| | | ابواسماعيل حافظ متواصل
عدد الرسائل : 14 تاريخ التسجيل : 17/06/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الإثنين يونيو 30, 2008 8:49 am | |
| | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الثلاثاء يوليو 01, 2008 1:34 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته بارك الله فيكم و أحسن إليكم | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الثلاثاء يوليو 01, 2008 1:35 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة قريش
مكية و آياتها أربع آيات
( لإيلاف قريش ) قال كثير من المفسرين : إن الجار و المجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي : فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش و أمنهم , و استقامة مصالحهم , و انتظام رحلتهم في الشتاء لليمن , و الصيف للشام , و ذلك للإتجار و جلب الأرزاق إلى بلادهم التي ليست هي بذات زرع و لا صناعة فإيلافهم هاتين الرحلتين كان بتدبير الله تعالى ليعيش سكان حرمه و بلده في رغد من العيش فهي نعمة من نعم الله تعالى . ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال :
( فليعبدوا رب هذا البيت ) أي : فليوحدوه بالعبادة , كما جعل لهم حرما آمنا و بيتا محرما , كما قال الله تعالى ( إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها و له كل شيء و أمرت أن أكون من المسلمين ) . و البيت هو الكعبة المشرفة . و خصّ الله بالربوبية البيت , لفضله و شرفه و إلا فهو رب كل شيء .
( الذي أطعمهم من جوع ) بما هيأ لهم من أسباب .
( و ءامنهم من خوف ) أي مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات و الحروب و القتال و الأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض , قال ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض و يسبي بعضها بعض , فأمنوا من ذلك لمكان الحرم و قرأ " أولم نُمكّن لهم حرما ءامنا يُجبى إليه ثمرات كلّ شيء " و نظيره أيضا قوله تعالى " أولم يروا أنّا جعلنا حرما ءامنا و يُتخطّف الناس من حولهم " . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الثلاثاء يوليو 01, 2008 1:38 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الفيل
مكية و آياتها خمس آيات
( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * و أرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف ماكول ) . هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش , فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل , الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة و محو أثرها من الوجود , فأبادهم الله , و أرغم آنافهم , و خيّب سعيهم , و أضل أعمالهم , وَرَدهم بِشرِّ خيبة , و كانوا قوما نصارى , و كان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان . و لكن كان هذا من باب الإرهاص و التوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال . وواقعة الفيل في ذاتها معروفة متواترة الرواية , حتى إنهم جعلوها مبدأ تاريخ يحددون به أوقات الحوادث , فيقولون : ولد عام الفيل و حدث كذا لسنتين بعد عام الفيل و نحو ذلك .
( ألم تر كيف فعل ربُّك بأصحاب الفيل ) يعني الذين قدموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحبشة , أي ألم تعلم علما رصينا متاخما للمشاهدة و العيان باستماع الأخبار المتواترة , و معاينة الآثار الظاهرة . و الله تعالى يخاطب رسوله مذكرا إياه بفعله الجبار في إهلاك الجبابرة فأين قوة ظلمة قريش من قوة أبرهة و أبادها الله تعالى في ساعة فاصبر يا محمد و لا تحمل لهؤلاء الأعداء همّا فإن لهم ساعة فكانت السورة عبارة عن ذكرى للعظة و الإعتبار .
( ألم يجعل كيدهم في تضليل ) أي ألم يجعل ما كادوه لبيتنا و حرمنا في خسارة و ضلال فلم يجنوا إلا الخزي و الدمار . قال الرازي : إعلم أن الكيد هو إرادة مضرة بالغير على الخفية " إن قيل " لم سماه كيدا و أمره كان ظاهرا , فإنه كان يصرح أنه يهدم البيت ؟ " قلنا " نعم لكن الذي كان في قلبه شر مما أظهر , لأنه كان يضمر الحسد للعرب , و كان يريد صرف الشرف الحاصل لهم بسبب الكعبة , منهم و من بلدهم , إلى نفسه و إلى بلدته .
( و أرسل عليهم طيرا أبابيل ) أي طوائف متفرقة , يتبع بعضها بعضا من نواح شتى . و " أبابيل " جمع لا واحد له , على ما حكاه , و التنكير في " طيرا " إما للتحقير , فإنه مهما كان أحقر كان صنع الله أعجب و أكبر , أو للتفخيم , كأنه يقول و أي طير ترمي بحجارة صغيرة فلاتخطئ القتل , أفاده الرازيّ .
( ترميهم بحجارة من سجّيل ) أي من طين متحجر . كل طائر يحمل ثلاثة أحجار كالحمصة و العدسة واحدة بمنقاره و اثنتين بمخلبيه كل واحدة في مخلب ترميهم بها فتتفتت لحومهم و تتناثر فجعلهم كعصف ماكول .
( فجعلهم كعصف ماكول ) قال ابن جرير : " كزرع أكلته الدواب فراثته , فيبس و تفرقت أجزاؤه , شبه تقطع أوصالهم بالعقوبة التي نزلت بهم , و تفرقت آراب أبدانهم بها , بتفرق أجزاء الروت , الذي حدث عن أكل الزرع ". و المعنى : أن الله سبحانه و تعالى أهلكهم و دمرهم , و ردهم بكيدهم و غيظهم لم ينالوا خيرا , و أهلك عامتهم , و لم يرجع منهم بخير إلا و هو جريح , كما جرى لملكهم أبرهة , فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء و أخبرهم بما جرى لهم , ثم مات .
و أخيرا : إن أمر القصة أضيفت إلى الفيل , و اشتهرت به , لاصطحابهم الفيل معهم للبطش و التخريب , فإنه لو تمّ لقائديه كيدهم , لكان الفيل يتخذونه آلة بطش و انتقام , فإذا غضبوا على محارب و أسروه , أو وزير و أوثقوه , أو بلد و نازلوا حصنه - أرسلوا على دار المغضوب عليه أو حصنه الفيل , فنطح برأسه و نابه الصرح فيدكه , و قواعد البنيان فيهدمها , فيكون أمضى من معاول و فؤوس , و أعظم رعبا و رهبة في النفوس , و ربما ألقوا المسخوط عليه بين يديه , فأعمل فيه نابه , و لف عليه خرطومه و شاله , و مثل به تمثيلا , كان أشد بطشا و تنكيلا . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الأربعاء يوليو 02, 2008 5:12 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الهمزة
مكية و آياتها تسع آيات
( ويل لكل همزة لمزة ) " ويل " يتوعد الرب تبارك و تعالى بواد في جهنم يسيل بصديد أهل النار و قيوحهم كل همزة لمزة . " لكل همزة لمزة " أي لكل من يطعن في أعراض الناس و يغتابهم , فالهمّاز بالقول , و اللّماز بالفعل . قال القاشاني ( رذيلتان مركبتان من الجهل و الغضب و الكبر , لأنهما يتضمنان الإيذاء و طلب الترفع على الناس , و صاحبهما يريد أن يتفضل على الناس , و لا يجد في نفسه فضيلة يترفع بها , فينسب العيب و الرذيلة إليهم ليظهر فضله عليهم , و لا يشعر أن ذلك عين الرذيلة , فهو مخدوع من نفسه و شيطانه موصوف برذيلتي القوة النطقية و الغضبية ).
( الذي جمع مالا و عدّده ) و من صفة هذا الهماز اللماز , أنه لا همّ له سوى جمع المال و تعديده و الغبطة به , و ليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات و صلة الأرحام , و نحو ذلك . قال الإمام : أي أن الذي يحمله على الحط من أقدار الناس , هو جمعه المال و تعديده , أي عده مرة بعد أخرى , شغفا به و تلذذا بإحصائه . لأنه لا يرى عزّا و لا شرفا و لا مجدا في سواه , فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه , انتفخ و ظن أنه من رفعة المكانة , بحيث يكون كل ذي فضل و مزية دونه , فهو يهزأ به و يهمزه و يلمزه , ثم لا يخشى أن تصيبه عقوبة على الهمز و اللمز و تمزيق العرض , لأن غروره بالمال أنساه الموت و صرف عنه ذكر المآل فهو " يحسب أن ماله أخلده " .
( يحسب أنّ ماله أخلده ) أي يظن أن ماله الذي جمعه و أحصاه , و بخل بإنفاقه , مخلده في الدنيا , فمزيل عنه الموت . قال القاشاني ( ...أي لا يشعر أن المقتنيات المخلدة لصاحبها هي العلوم و الفضائل النفسانية الاقية , لا العروض و الذخائر الجسمانية الفانية ) .
( كلا لينبذن في الحطمة ) " كلا " لا يخلده ماله بل و عزتنا و جلالنا " لينبذن في الحطمة " أي ليلقين هذا الذي جمع مالا فعدده في الحطمة و هي إسم طبقة من أسماء النار , لأنها تحطم من فيها .
( و ما أدراك ما الحطمة ) هذا الإستفهام لتعظيم أمرها و تهويل شأنها , كأنها ليست من الأمور التي تدركها العقول .
( نار الله الموقدة ) أي المستعرة المتأججة , التي وقودها الناس و الحجارة , قال أبو سعود : و في إضافتها إليه سبحانه , ووصفها بالإيقاد , من تهويل أمرها ما لا مزيد عليه .
( التي تطلع على الأفئدة ) قال ثابت البناني : تحرقهم إلى الأفئدة و هم أحياء , ثم يقول : لقد بلغ منهم العذاب , ثم يبكي . و قال محمد بن كعب : تأكل كل شيء من جسده , حتى إذا بلغت فؤاده حَذْو حلقه ترجع على جسده . قال الزمخشري : يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم و تطلع على أفئدتهم , و هي أوساط القلوب , و لاشيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد , و لاأشد تألمنا منه بأدنى أذى يمسه , فكيف إذا طلعت عليه نار جهنم و استولت عليه !!! و يجوز أن يخص الأفئدة لأنها مواطن الكفر و العقائد الفاسدة و النيات الخبيثة ...
( إنها عليهم مؤصدة ) أي مغلقة مطبقة لا مخلص لهم منها .
( في عمد ممددة ) قال الزمخشري : ( و المعنى أنه يؤكد بأسهم من الخروج , و تيقنهم بحبس الأبد , فتؤصد عليهم الأبواب , و تمدد على العمد , استيثاقا في استيثاق . و يجوز أن يكون المعنى أنها عليهم مؤصدة , موثقين في عمد ممددة , مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص ) . و المقطرة هي جذع كبير فيه خروق يوضع فيها أرجل المحبوسين من اللصوص و نحوهم . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الثلاثاء يوليو 15, 2008 6:15 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة العصر
مكية و آياتها ثلاث آيات
قال الإمام ابن القيم في " مفتاح دار السعادة " ( قال الشافعي رضي الله عنه " لو فكر الناس في هذه السورة , لكفتهم " . و بيان ذلك أن المراتب أربعة و باستكمالها يحصل للشخص غاية كماله , إحداها معرفة الحق , الثانية عمله به , الثالثة تعليمه من لا يحسنه , الرابعة صبره على تعلمه و العمل به و تعليمه , فذكر تعالى المراتب الأربعة في هذه السورة ) ثم قال ( فهذه السورة على اختصارها , هي من أجمع سور القرآن للخير بحذافيره , و الحمد لله الذي جعل كتابه كافيا عن كل ما سواه , شافيا من كل داء , هاديا إلى كل خير ) .
قال الرازي ( هذه السورة فيها وعيد شديد , و ذلك لأنه تعالى حكم بالخسارة على جميع الناس , إلا من كان آتيا بهذه الأشياء الأربعة , و هي : الإيمان و العمل الصالح و التواصي بالحق و التواصي بالصبر , فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور ) .
( و العصر ) أقسم الله تعالى بالعصر , الذي هو الليل و النهار , محل أفعال العباد و أعمالهم , و لانطوائه على تعاجيب الأمور , و لأنه يذكر بما فيه من النعم و أضدادها , فينبّه الإنسان على أنه مستعد للخسران و السعادة , و للتنويه به و التعظيم من شأنه , تعريضا ببراءته مما يضاف إليه من الخسران و الذم , كما قيل :
يَعيبون الزمان و ليس فيه *** معايبُ غير أهلٍ للزمانِ
فالعصر ظرف لشؤون الله الجليلة من خلق و رزق و إعزاز و إذلال و خفض و رفع , فكيف يذم في ذاته , و إنما قد يذم ما يقع فيه من الأفعال الممقوتة .
( إن الإنسان لفي خسر ) أي خسران , لخسارته رأس ماله الذي هو نور الفطرة و الهداية الأصلية , بإيثار الحياة الدنيا و اللذات الفانية و الإحتجاب بها و بالدهر , و إضاعة الباقي في الفاني .
( إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات ) فهؤلاء استثناهم الله تعالى من الخسر فهم رابحون غير خاسرين و ذلك بدخولهم الجنة دار السعادة , و المراد من الإيمان الإيمان بالله و رسوله و ما جاء به رسوله من الهدى و دين الحق , و المراد من العمل الصالح الفرائض و السنن و النوافل .
( و تواصوا بالحق ) أي أوصي بعضهم بعضا بما أنزل الله في كتابه من أمره , و اجتناب ما نهى عنه من معاصيه , قال الرازي ( دلت الآية على أن الحق ثقيل , و أن المحن تلازمه , فلذلك قرن التواصي بالصبر )
( و تواصوا بالصّبر ) أي على ما يبلو الله به عباده , أو على الحق , فإن الوصول إلى الحق سهل , و أما البقاء عليه و الصبر معه بالإستقامة و الجهاد لأجله , فذاك الذي يظهر به مصداق الإيمان و حقيقته . و تخصيص التواصي بالحق و الصبر , مع إندراجهما في الأعمال الصالحة , لإبراز كمال الإعتناء بهما . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الأربعاء يوليو 16, 2008 11:00 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة التكاثر
مكية و آياتها ثماني آيات
( ألهاكم التكاثر ) هذا خطاب الله تعالى للمشتغلين بجمع المال و تكثيره - الأموال و الأولاد , و الأنصار , و الجنود , و الخدم , و الجاه , و غير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر , و ليس المقصود به الإخلاص لله تعالى - للمباهاة به و التفاخر الأمر الذي ألهاهم عن طاعة الله و رسوله فماتوا و لم يقدموا لأنفسهم خيرا .
( حتى زرتم المقابر ) أي حتى هلكتم , و متم و صرتم من أصحاب القبور , فأفنيتم عمركم في الأعمال السيئة و ما تنبّهتم طول حياتكم إلى ما هو سبب سعادتكم و نجاتكم . و زيارة القبور عبارة عن الموت . قال الشهاب : " و فيها إشارة إلى تحقق البعث , لأن الزائر لابد من انصرافه عما زاره " , فدلّ ذلك على البعث و الجزاء بالأعمال , في دار باقية غير فانية .
( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) ( كلا ) ردع عن الإشتغال بالتكاثر , و توهم أن الفوز بالتفاخر , فإن الفوز بالتناصر على الحق و التحلي بالفضائل . ( سوف تعلمون ) أي مغبة ما أنتم عليه , في الآخرة , من وخامة عاقبة الإشتغال بهذه الشهوات السريعة الزوال , العظيمة الوبال , لبقاء تبعاتها . ( ثم كلا سوف تعلمون ) كرّر الوعيد و التهديد للتأكيد , و " ثم " للدلالة على أن الثاني أبلغ من الأول , أو الأول عند الموت , و الثاني عند النشور .
( كلا لو تعلمون علم اليقين ) أي لو تعلمون ما أمامكم - في قبوركم و يوم بعثكم و نشوركم - علما يصل إلى القلوب , لما ألهاكم التكاثر , و لبادرتم إلى الأعمال الصالحة .
( لترون الجحيم , ثم لترونها عين اليقين ) هذا تفسير الوعيد المتقدم , و هو قوله " تعلمون , ثم كلا سوف تعلمون " توعّدهم بهذا الحال , و هي رؤية النار - رؤية بصرية كما قال تعالى " و رأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعها و لم يجدوا عنها مصرفا " - التي إذا زفرت زفرة خرّ كل ملك مقرب , و نبي مرسل على ركبتيه , من المهابة و العظمة و معاينة الأهوال .
( ثم لتسئلنّ يومئذ عن النّعيم ) أي عن النعيم الذي ألهاكم التكاثر به و التفاخر في الدنيا , ماذا عملتم فيه ؟ و من أين وصلتم إليه ؟ و فيم أصبتموه ؟ و ماذا عملتم به ؟ . و قد صحّ عن النبي صلى الله عليه و سلم " إنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه و عن علمه ماذا عمل به و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه " . و عن عبد الله بن الزبير قال : قال الزبير : لما نزلت " ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم " قالوا يا رسول الله , لأي نعيم نسأل عنه , و إنما هما الأسودان التمر و الماء ؟ قال : " إن ذلك سيكون " حسنه الشيخ الألباني . و قال النبي صلى الله عليه و سلم " إن أول ما يسأل عنه - يعني يوم القيامة - العبد من النعيم أن يقال له : ألم نُصِحّ لك جسمك , و نُروكَ من الماء البارد ؟ " صححه الشيخ الألباني . قال ابن عباس " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " النعيم : صحة الأبدان و الأسماع و الأبصار , يسأل الله العباد فيما استعملوها , و هو أعلم بذلك منهم , و هو قوله تعالى " إن السّمع و البصر و الفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا " , قال ابن جرير : لم يخصص في خبره تعالى نوعا من النعيم دون نوع , بل عمَّ , فهو سائلهم عن جميع النعم , و لذا قال مجاهد : أي عن كل شيء من لذة الدنيا . | |
| | | عبد الحي عضو مميز
عدد الرسائل : 107 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: رد: سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين الخميس يوليو 17, 2008 4:26 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة القارعة
مكية و آياتها إحدى عشر آية
( القارعة ) من أسماء القيامة , كالحاقة , و الطامة , و الصاخة , و الغاشية , و غير ذلك . و سميت بها لأنها تفزع القلوب و الأسماع بفنون الأفزاع و الأهوال , و تخرج جميع الأجرام العلوية و السفلية من حال إلى حال : السماء بالإنشقاق و الإنفطار , و الشمس و النجوم بالتكوير و الإنكدار و الإنتثار , و الأرض بالزلزال و التبديل و الجبال بالدك و النسف .
( ما القارعة ) أي أي شيء هي ؟ فالإستفهام للتهويل من شأنها .
( و ما أدراك ما القارعة ) تأكيد لهولها و فضاعتها , ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق على معنى أن عظم شأنها و مدى شدتها , بحيث لا يكاد تناله دراية أحد , حتى يدريك بها .
( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ) أي : في انتشارهم و تفرقهم , و ذهابهم و مجيئهم , من حيرتهم مما هم فيه , من ضعف و ذلة و اضطراب . وجاء في آية أخرى " كأنهم جراد منتشر "
( و تكون الجبال كالعهن المنفوش ) أي : كالصوف المنفوش , الذي بقي ضعيفا جدا تطير به أدنى ريح , قال تعالى " و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب " ثم بعد ذلك تكون هباء منثورا , فتضمحل و لا يبقى منها شيء يشاهد , فحينئذ تنصب الموازين , و ينقسم الناس قسمين : سعداء و أشقياء .
( فأما من ثقلت موازينه ) أي : رجحت حسناته على سيئاته .
( فهو في عيشة راضية ) أي مرضية له و هو بها راض و كيف لا و هي الجنة دار النعيم المقيم .
( و أما من خفت موازينه ) أي قلَّت حسناته و كثرت سيئاته أو لم يكن له حسنة بالمرة كأهل الكفر و الشرك .
( فأمُّه هاوية ) أي : مأواه و مسكنه النار , التي من أسمائها الهاوية , تكون له بمنزلة الأم الملازمة كما قال تعالى " و إن عذابها كان غراما " قال ابن جرير : و إنما قيل : للهاوية أمه , لأنه لا مأوى له غيرها , و قال ابن زيد : الهاوية : النار , و هي أمه و مأواه التي يرجع إليها و يأوي إليها , و قرأ " و مأواهم النار " . و قيل : إن معنى ذلك , فأم دماغه هاوية في النار أي : يلقى في النار على رأسه روي نحو هذا عن ابن عباس و عكرمة و قتادة , قال قتادة : يهوي في النار على رأسه .
( و ما أدراك ماهيه ) هذا الإستفهام للتهويل من شأنها و تعظيم لأمرها .
( نار حامية ) أي حارة شديدة الحر , قوية اللهيب و السعير , قال النبي صلى الله عليه و سلم ( نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين من نار جهنم ) قالوا : يا رسول الله , إن كانت لكافية , فقال ( إنها فضّلت عليها بتسعة و ستين جزءا ) رواه البخاري , و في بعض ألفاظه ( إنها فضلت عليها بتسعة و ستين جزءا , كلهن مثل حرّها ) رواه البخاري و مسلم , و رواه الإمام أحمد و زاد عليه ( و ضربت بالبحر مرتين , و لولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد ) صححه الشيخ الألباني . | |
| | | | سلسلة : تفسير القرآن الكريم لعموم المسلمين | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|