بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد..
فهذه رسالة كتبتها ردا على رسالة من فتاة.. أحسنت بي الظن فطلبت مني النصح والإرشاد في مسألة مهمة.. أحببت أن أقدمها إليكم علها تجد مكانها في صدر أحدكم.. عنونتها :
زواج الماسنجر !!! إلى أين ؟؟؟
نص الرسالة :
بعد التحية والسلام..
أخي.. أريد أن أستشيرك في موضوع يحير بالي..
تعرفت على شاب من خلال الماسنجر.. وتبادلنا أرقام الهاتف .. ومرة بعد مرة كان يسأل فيَّ..
مؤخرا إلتقينا .. بصراحة وجدت فيه كل مواصفات الشخص الذي أتمناه .. يصلي والحمد لله .. وغير مدخن .. يعمل كموظف محترم في الدولة .. ويسكن في نفس مدينتي .. إلا أن أهله في مدينة أخرى .. المهم .. على حد قوله : هو يبحث عن شريكة حياته وينوي الزواج ..
لا أدري ما العمل .. إلتقيت به مرة واحدة فقط .. وأخبرني بأنه يريد علاقة محترمة ..
لهذا كتبت إليك .. أنت أخي الذي أثق فيه وأحكي له عن كل شيء .. أريدك أن تنصحني ..
أتمنى أن ترد علي بسرعة فأنا أنتظر نصيحتك .. وشكرا جزيلا ..
الرد على الرسالة :
استعطاف واعتذار..قبل أن أبدأ في الموضوع أود أن أعتذر عن عدم إسراعي بالرد ، لأنني - والله يشهد - لم أقرأ رسالتك إلا يوم السبت 17 مارس ، فأستسمح من جديد على هذا التأخر الغير مقصود .. وأعتذر بداية عن طول هذه الرسالة .. فلولا أن الموضوع من الأهمية بمكان ما أطلت كل هذه الإطالة ..شكر وتقدير..أشكرك على حسن ثقتك التي وضعتها فيَّ ، وإن كنتُ أرى أنني لا أستحق كل ذلك .. فقد جعلتني أكثر من أخيك ابن أبيك ، فشكرا لك على حسن ظنك بي .. وأسأل الله أن أكون خيرا مما تظنين .. وأن يغفر لي ما لا تعلمين ..بشرى لك..لمَّا جعلتني محلَّ أخيك ، وطلبتِ مشورتي ونصيحتي ، قلت في نفسي : لن أكون صادقا معك إلا إذا جعلتك محل أختي ابنة أبي وأمي ، فأبشرك بأني قد فعلتُ ؛ فكل ما ستقرئينه في هذه الرسالة هو كلمات من أخ مشفق غيور إلى أخته الشقيقة ، التي لن يبخل عليها بمشورته ونصحه ، " ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه " ..بين يدي الموضوع..لمَّا قرأت رسالتك انتابني شعور بالدهشة والاستغراب ، سرعان ما تحول هذا الشعور إلى تساؤلات : لماذا لم تخبريني قبل أن تتبادلا أرقام الهاتف ؟؟؟ بل لماذا لم تستشيريني قبل أن تلتقي به وجها لوجه ؟؟؟ ولكن.. لم تدم هذه التساؤلات تختلج في صدري طويلا ، لأنك في الأخير استيقظت من غفلتك لتتذكري أن هناك من يمكنه مساعدتك ولو بالكلمة عن بُعد.. فكنتُ أنا من نال هذا التشريف والتكليف.. فأسأل الله أن أكون قدر المسؤولية - مسؤولية النصح والإرشاد - ..قراءة سريعة في رسالتك..عجبـــًا !! لقاء واحد مع هذا الشخص جعلك تحكمين بأنه فارس أحلامك المنتظر!! وفيه كل المواصفات التي تبحثين عنها في شريك حياتك !! فهو يصلي ولا يدخن ولا ولا ولا... إلى آخر السلسلة الممنوعة.. بالطبع ، هو من قال لك ذلك عن نفسه ..إن الإنسان هو أغمض ما في هذا الوجود ؛ يمكنه أن يظهر في وجوه عدة بوجه واحد .. أقلُّ هذه الوجوه أن يكون له وجهان ..صحيح أنه ممكن أن يكون صادقا فيما يقول ويدعي ، لكن لقاء واحد غير كاف لإصدار الحكم على صلاحيته .. وأنا لا أقول لك : رتبي معه لقاء آخر أو لقاءات أخرى فهذا مرفوض..أتخيلُ أنك أختي ..نعم.. سأحاول أن أتخيل أختي الشقيقة وهي تحكي لي نفس قصتك ، وأنها التقت بشاب بعدما تعرفت عليه من خلال الماسنجر !!في الحقيقة .. شعوري بدأ بالغضب وتحول إلى حُزن وأسىً .. إذ كيف تخرج أختي بمفردها لتلتقي بشخص غريب عنها ، لا تعرفه ولا يعرفها ، وإن كانت نواياهما حسنة .. فالشيطان لا يعرف النية الحسنة .. قال صلى الله عليه وسلم : ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) ..أسألك سؤالا : ألستِ تشعرين بأن ما قمتِ به خيانة لأسرتك التي وضعت فيك ثقتها ؟؟؟ بل قبل ذلك خيانة لربك جل وعلا ؟؟؟ أليست الخلوة بين ذكر وأنثى محرمة شرعا ؟؟؟إذا لم تكوني شعرت بذلك فهذا يعني أن الوازع الديني عندك مفقود ، وتحتاجين إلى دروس ودروس ودروس حتى يعود ..تخيلي لو أن أحدا من أهلك رآك مع هذا الشاب .. كيف سيكون موقفك حينها ؟؟إعلمي أن الله قد رآك وهو خالقك وخالق أهلك والناس أجمعين ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب ..زواج الماسنجر !!! إلى أين ؟؟؟أختاه .. لو فرضنا أنه تم الزواج بينكما وجمعكما بيت الزوجية ، فإنَّ أولَ خلاف يقع بينك وبين زوجك سوف تسمعين منه مثل هذه الكلمة : " نحن التقينا في الشارع !!! " .. وغالبا ما سيكون الزوج في شك دائم في تصرفاتك وأعمالك ؛ فلو تأخرت مرة خارج البيت سيشُك زوجك في سبب غيابك ؛ ألستِ كذبتِ على أهلك وخرجت لمقابلة حبيبك المزعوم وزوجك الموعود ؟؟ فلم لا تكذبين مرة أخرى على زوجك ؟؟ وأنا لا أتهمك بشيء من هذا .. فأنت أسمى وأرقى من أن تتدنس سيرتك بشيء يلطخ سمعتك ؟؟إن الشاب الذي رضي بأن يلتقي بكِ بهذه الطريقة وزعم أنه يرغب في الحلال ، قد تركَ الباب ولجأ إلى النافذة ، ولم يسلك الطريق السوي والمنهاج القويم في البحث عن الزوجة الصالحة ..أختاه .. هل تعلمين لماذا تركتُ الماسنجر وهجرتُه ؟؟؟ لأنني اكتشفتُ أن هذا الطريق كطعامٍ مسموم ؛ أوله لذة وآخره هلاك .. نعم .. أنا أيضا وقعت في التعلق بفتاة وكان بإمكاني أن ألتقي بها ، وكان بإمكاني أن أكمل معها مشوار "الحب" إلى آخره ، ولكن كان كل شيء يقول لي : لا .. لا .. لا .. ما هكذا يجب أن تكون طريقة زواجي .. وإليكِ بعض الأسباب :1- هناك فكرة تؤرق مضجعي وأنا أحادثها وهي : هل هي تتكلم معي وحدي أم تتكلم مع كثير غيري؟؟2- هذه الفكرة تدفعني إلى فكرة أخرى : هل بإمكاني إذا تزوجت منها أن أنسى أننا التقينا أول مرة عبر الماسنجر ؟؟3- فكرة أخرى : ما الذي يضمن لي أن هذه الفتاة صادقة فيما تدعيه من صلاح وتقوى ؟؟4- وأعظم فكرة أرقتني بحق ودفعتني دفعا مباشرًا لترك النظر في الزواج منها هي : هل الله جل وعلا راض على هذه الطريقة في اللقاء بشريك الحياة أم لا ؟؟ حتى خلـُصتُ في نهاية المطاف إلى أن الله لن يرضى عن زواج تعارف طرفاه في مقهى النت أو في زاويةٍ منَ الشارع بعيدًا عن أعين المارة عمومًا والأهل خصوصًا..أسئلة كثيرة كانت تُطرح مرارًا وتكرارًا ، وهي أسئلة ضرورية ، لأن أكثر الزواجات التي يتم التعارف فيها بين الزوجين قبل الزواج أو قبل الخطبة غالبا ما تنهدم بسرعة بمعول الشك والغيرة المفرطة ..وهذا نموذج من بعض المواقف التي بالإمكان أن تحصل : - يدخل الزوج إلى المنزل فإذا به يجد الزوجة أمام الحاسب فاتحة الماسنجر تتكلم مع صديقاتها أو أهلها ، فلما رأته الزوجة أغلقت الماسنجر بسرعة - عن حُسن نية - لاستقبال زوجها ببسمة الزوجة المُتحببة إلى زوجها..- هنا يقابلها الزوج - الذي التقى بها من خلال الماسانجر - بسؤالها : مع من كنت تتحدثين ؟؟؟ - ترد الزوجة بكل برودة : مع صديقتي فلانة ..- يبادر الزوج بالرد : ولم أقفلت الماسانجر لما رأيتني ؟؟- الزوجة : لأنني كنت أنتظرك بكل شوق حتى نجلس سويًّا ؛ فقد مللت من القعود وحدي ..- يتظاهر الزوج بأنه اقتنع بكلامها ، ويَبقى الشك يكبر وينمو في صدره حتى يأتي يوم تُخطئُ فيه الزوجة فيفاجؤها بقائمة طويلة من الشكوك التي غالبا ما تُنهي الحياة الزوجية بالطلاق والفراق ..أختاه .. هذا فقط نموذج من المواقف التي يمكن أن تحصل في الحياة الزوجية ، وإلا فهي مواقف كثيرة ومتجددة ، تقضي على الحب وتُورث في القلوب الحقد والضغينة والكراهية ..هذه نصيحتي ..تبيَّنَ لك مما سبق أنني غير موافق على الزواج الإلكتروني ، ولكن لكل قاعدة استثناء ، فقد يكون هذا الشخص على خلق حسنٍ وسَمتٍ طيب - وإن كنت أستبعد ذلك لأنه لم يدق الباب بل دق النافذة - فإن كان حقا ذا خلق وأدب فسيظهر ذلك من خلال التجربة التي سأقدمها لك على طبق من ذهب وأكواب من فضة..ماذا عليك أن تفعلي ؟؟؟أولا : لا تُحَدثي نفسك بأن تلتقي به مرة أخرى في الشارع .. وأخبريه بهذا القرار.. لما في ذلك من تشويه لسمعتك.. ومخاطرة بشرفك..واعلمي أن هذا الشاب - كما هي عادة كل الشباب - قد يمل منك إذا كنت سريعة الاستجابة له ولرغباته ؛ فلا تجعلي نفسك رخيصة المَنَال.. فكم من فتاة سلَّمت جسدها بكلمة "وَعْدٍ" من شاب غادر "وَغْدٍ" وذئب خادع ، فقط وعدها بالزواج ، فإذا بها تتخيل نفسها أنها ملكته وأنه ملكها وحَلَّ لهما كل شيء ..وأنا لا أقصدك أنت بهذا الكلام ، فكما قلت لك : أنت أسمى وأرقى مِنْ أنْ تضعي نفسك موضع شبهة تسيئُ إلى سمعتك وشرفك ..كوني متأكدة من أنك لو رفضت الالتقاء به مرة أخرى سوف تكبرين في عينيه ، وهنا ستظهر حقيقته ؛ هل يريد الحلال أم يريد إمضاء الوقت والتسلية فحسب ، كما قال الشاعر : سلام عليها ما أحبت سلامنا ××× فإن كرهَته فالسلام على الأخرى
فهو اليوم معك وغدا مع أخرى وبعده مع ثالثة ورابعة وخامسة... وهكذا...فإن غضب من رفضك الالتقاء به فاعلمي أنه مخادع ، وإن تقبل الأمر بموضوعية فانتقلي إلى الخطوة الثانية : ثانيا : إن وجدتِ أنه يستحق أن يكون لك زوجا ، وعلمت أنه وجد أنك تستحقين أن تكوني له زوجة ، وكنتما مستعدين نفسيا ومعنويا للزواج وتبعاته وعقباته - وملذاته أيضا - فكما أعطيته رقم هاتفك - خطأ - أعطه عنوان منزلك لتتم الخِطبة الشرعية بحضرة أهله وأهلك .. وإياك أن يخدعك الشيطان بحجة التعارف قبل الخطبة ، فإن التعارف يكون بعد الخطبة لا قبلها ، وإلا فلا معنى للخطبة إذا كان الطرفان يتعارفان قبلها ومتفقان على كل الأمور !!!ثالثا : إذا كان هذا الشاب صادقا في دعواه ورأى فيك الزوجة الصالحة له والأم المربية لأولاده ، فسوف يبادر بخطبتك ، وإن كان غير ذلك فسوف ينهي علاقته بك في أحسن الأحوال .. ولا تنسي أن تمحي رقم هاتفه وبريده الإلكتروني من قائمتك ، دون تأسُّفٍ عليه أو على الكلمات الحلوة أوالمعسولة التي سمعتها منه .. والتي يُسمعها لكثير غيرك ..وهنا أكون قد أنهيتُ الحديث عن الخطوات الثلاث ، ويبقى عليك أن تُصلي صلاة الاستخارة ، وتكثري من الدعاء ؛ أن ييسر الله لك ما فيه صلاحك وخيرك ..تنبيه!!! وهنا أود أن أنبهك إلى شيء مهم ؛ إياك أن تعطيه صورتك مهما كان ومهما صار ، لا تعطي صورتك لأي أحد ؛ فقد تندمين على ذلك فيما بعد ، إذا تزوجت من شخص آخر ..وأخيرًا وليس آخرًا..ها قد حانت نهاية كلماتي.. أرجوا أن أكون قد وفقت في بيان بعض الأمور التي لعلها تكون مفيدة لك ، فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطإ فمني والشيطان والله ورسوله منه براء ، وأعوذ بالله أن أذكرك به وأنساه ..دعاء..اللهم يا عالم الخفايا.. ويا كاشف البلايا.. ويا غافر الخطايا.. أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تيسر علينا أمورنا كلها.. يارب وفقنا لسلوك الطريق المستقيم في حياتنا كلها .. في عباداتنا وفي عاداتنا .. في خطبتنا وفي زواجنا .. برحمتك يا أرحم الراحمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..والسلام..هذا وخير ما نجعله مسك الختام .. أزكى الصلاة والسلام .. على شفيع الورى وسيد الأنام .. المبعوث رحمة للعالمين .. وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
المُرسل : أخ ناصح أمين..
17-03-2007