منتديات الحفظة للقرآن الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نرحب بك ونتمنى لك قضاء أسعد الأوقات برفقتنا..

وإن شاء الله تستفيد وتفيد بما لديك..

نشكرك لانضمامك إلى كوكبتنا..
منتديات الحفظة للقرآن الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نرحب بك ونتمنى لك قضاء أسعد الأوقات برفقتنا..

وإن شاء الله تستفيد وتفيد بما لديك..

نشكرك لانضمامك إلى كوكبتنا..
منتديات الحفظة للقرآن الكريم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات الحفظة للقرآن الكريم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رمضان محطة سفر إلى الجنة!

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
chamaliya
حافظ ذهبي
حافظ ذهبي
chamaliya


انثى عدد الرسائل : 221
تاريخ التسجيل : 30/05/2008

رمضان محطة سفر إلى الجنة! Empty
مُساهمةموضوع: رمضان محطة سفر إلى الجنة!   رمضان محطة سفر إلى الجنة! I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 06, 2008 4:54 am

[b]المسافر لا بد له من استعداد لسفره، والاستعداد للسفر يختلف باختلاف الجهة التي يراد السفر إليها.
فقد تكون جهة السفر قريبة من دار المسافر، وبيئتها مشابهة لبيئة بلده، من حيث الجو والعادات والطعام واللباس، وغير ذلك من أنواع الشبه، وقد تكون بعيدة، مختلفًا جوُّها وعاداتُ أهلها وطعامهم، عن عادات بلده، ولقرب البلد وبعدها، وشدة شبهها لبلاد المسافر أو شدة مخالفتها، تأثير في استعداده للسفر...من حيث الزاد والراحلة، اللباس وغيرها...

وقد يكون السفر إلى ديار تختلف اختلافا شديدا عن داره، كرحلات رواد الفضاء إلى الفضاء الخارجي، وقد يبقى في الفضاء شهورا أو أكثر، بل قد يكون سفره إلى أحد كواكب السماء، كالقمر، وهو في سفره إلى هذه الديار، يحتاج إلى استعداد غير عادي، فيحتاج إلى تدريبات قاسية مشابهة شبها كبيرا للحالة التي سيكون عليها في المركبة الفضائية، وفي جو شبيه بنفس الجو الذي سيكون عليه، في تلك الرحلة.

كما يحتاج إلى ملابس تختلف عن ملابس الأرض العادية، بل يحتاج إلى حمل الهواء "الأكسجين" من الأرض، ليبقى هناك على قيد الحياة، ويحتاج إلى طعام يناسب تلك الأجواء التي سينتقل إليها، كما يحتاج إلى نفقات باهظة، وراحلة غالية ... وهذا ما نرى أمثلة له لهؤلاء المسافرين.

ولهؤلاء المسافرين محطات معينة، أعدت إعدادا خاصا لتدريبهم، وإعدادهم إعدادا عظيما، للقيام بهذا السفر العجيب.

ونحن نتمنى أن يكون عندنا صناعة لهذه الأسفار، لاكتشاف الفضاء والاستفادة من طاقاته ومنافعه، لكن مع ملء الأرض بالصلاح، ومنح أهلها الطعام والشراب واللباس، والسعادة والعدل والأمان.
هذه الأسفار كلها مرتبطة بدار واحدة، سواء كانت في الأرض أو في السماء، تسمى "دار الدنيا"

أما السفر المقصود هنا، فهو سفر من نوع آخر، وإلى ديار أخرى، وخط سير يختلف اختلافا كبيرا، عن خطوط السير في حياتنا المعتادة، أول هذا الخط إقلاع الروح من مطارها "الجسد" إلى بارئها، ثم إلى حياة البرزخ الفاصل بين الدنيا والآخرة، ثم البعث والجزاء والحساب، والمرور إلى الصراط، إلى أن يصلوا إلى آخر محطة للسفر، وهي الدار الآخرة "الجنة"

إنه السفر إلى دار تسمى "الدار الآخرة" سفر غاية أهله القرار في رحاب الله "الجنة" التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، سفر زمنُ الاستعدادِ له العمرُ كله، وزاده السعي المتواصل إلى رضا الله تعالى وتقواه، بعمارة الأرض عمارة تحفظها من الفَسادَينِ: الفسادِ المادي والفسادِ المعنوي، عمارة تجلب للإنسان فيها حياةَ سعادةٍ وأمنٍ ورخاء.

ولهذا السفر محطات تدريب في هذه الحياة، يديرها منهج الله على مدار الدقائق والساعات والأيام، والأسابيع والشهور والأعوام، والقرون والعصور، والأجيال والدهور، لا يقطع فيها العملَ إلا هادمُ اللذات ومفرق الجماعات....بل يرحل كثير من المسافرين، و لهم أعمال باقية بعدهم تُمطِرهم بشآبيب الرحمة، وتمدهم بأنواع الحبور والنعمة.

ويشمل تلك المحطات كلها، قيام المسلم بطاعة ربه تعالى، بإيمانه وعمله الصالح الشامل، لكل ما جاء به هذا الدين، من أصول الإيمان وفروعه، وأصول الإسلام، وأحكام الشريعة من فعل فرائض ونوافل طاعات، وترك محرمات ومكروهات، ومن أركان الإسلام ومحطات المسافرين إلى الجنة "شهر رمضان" شهر الصبر وشهر الطاعة والصيام، شهر الإكثار من قراء القرآن وشهر التهجد والقيام، شهر يغلق الله فيه عن المتقين أبواب النار، ويفتح لهم فيه برحمته أبواب الجنة دار القرار.

إن الهدف من التدريب في هذه المحطة، هو تأهيل المتدرب لهذا السفر، الذي لا يوجد له نظير في هذه الحياة، فلا يحتاج المسافر إلى إذن سفره من أقاربه، وعلى رأسهم الأبوان، ولا من رؤسائه في عمله، ولا إلى جواز سفر من دولته، ولا تأشيرة دخول من دول عالَم الدنيا كلها...

كما لا يحتاج إلى عملة أجنبية غربية، أمريكية أو أوربية، أو شرقية يابانية، أو شيكات سياحية، أو بطاقة ائتمان احتياطية، وليس في حاجة إلى تذكرة سفر لأي خطوط طيران، من شركات الخطوط الجوية العالمية، ولا غيرها من وسائل المواصلات الأخرى برية: درجات، أو سيارات، أو قطارات، أو حافلات جماعية، أو بحرية بواخر وعبارات ....

وليس في حاجة إلى حقيبة سفر، يملأها بملابسه، وما يحتاجه إليه في تنقلاته... كل ذلك لا يحتاج إليه المسافر إلى الجنة، وفي الحلقة القادمة إشارات إلى ما يحتاج إليه من تدريب، ووسائل سفر تختلف عن أسفار الدنيا كلها.

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم، حقارة دار الدنيا هذه، وسرعة السفر منها إلى الدار الآخرة، قال البخاري "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ثم ساق حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وكان بن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك" [البخاري (5/2853)].
ومثله حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا، كمثل راكب قال تحت شجرة في يوم صائف، فراح وتركها) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/345) وذكر ه ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (4/523) وقال: "ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث المسعودي به وقال الترمذي حسن صحيح"]


ميادين تأهيل المسافر في هذه المحطة للسفر إلى الجنة.
المسافر إلى الجنة يحتاج إلى تدريب يؤهله لهذا السفر المبارك، وميادين التدريب كثيرة، نذكر أهمها بإذن الله.

الميدان الأول: صيام نهار الشهر المبارك.
"الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس" [المغني لابن قدامة (3/4)]
أما الصيام في لسان العرب، فهو مطلق الإمساك عن أي شيء، فلو أمسك غير المسلم عن المفطرات، في نهار رمضان أو غيره، اعتبر صائما في اللغة العربية، ولو أمسك المسلم عن ذلك في نهار رمضان أو غيره، قاصددا التداوي بذلك وليس أداء العبادة، فهو صائم في اللغة العربية.
ولو صام المسلم ليلا وأفطر نهارا في شهر رمضان، قاصدا بذلك العبادة، لم يعد صائما الصيام الشرعي، لأنه لم يصم في النهار.
فقد فرض الله صيامه نهارا، لا ليلا، فقال تعالى بعد أن ذكر وجوبه: ((أياما معدودات فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) والأيام إذا أطلقت يراد بها أوقات النهار، وأكدت ذلك سنة الرسول القولية، والفعلية، وعلى ذلك إجماع الأمة.

والصيام قسمان:
القسم الأول: صيام مفروض للوقت أي يجب على المسلم أن يصومه، بمجرد دخول وقته، وهو شهر رمضان المبارك، الذي هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والحج، يأثم تاركه، ويكفر جاحده، كما تجب الصلاة بمجرد دخول وقتها.

وصيام مفروض لإيجاب الإنسان ذلك على نفسه، وهو صوم النذر الذي يجب الوفاء به [اقرأ الآية 7 من سورة الإنسان]

وصيام مفروض للكفارات، كالحنث في اليمين، فيجب صيام ثلاثة أيام، إذا لم يجد إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، [اقرأ الآية 89 من سورة المائدة]
وصيام شهرين متتابعين لمن قتل مؤمنا خطأ، ولم يجد تحرير قبة مؤمنة [اقرأ الآية (92) من سورة النساء] ومثله مَن ظاهر من زوجته ثم عاد إليها ولم يجد رقبة يعتقها [اقرأ الآيتين 3،4 من سورة المجادلة]
و صيام مفروض على من حج قارنا أو متمتعا ولم يجد الهدي، فإنه يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع، [اقرأ الآية (196) من سورة البقرة]

القسم الثاني: صيام مندوب،،، وسيأتي الكلام عنه في بعض الحلقات بإذن الله.

والذي يعنينا هنا هو صيام شهر رمضان المبارك، فقد فرض الله على المسلمين صيامه، كما كتب عليهم النطق بالشهادتين، والصلاة والزكاة والحج، وهذه الأربعة مع صيام رمضان هي مباني الإسلام وأركانه.
وقد دل على وجوب صومه القرآن والسنة القولية والفعلية، وإجماع الأمة:
قال تعالى: ((ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) [البقرة (183)]
ومن السنة القولية، ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).[البخاري (4/1641) ومسلم (1/45) واللفظ له]

ومن السنة الفعلية، حديث أنس رضي الله عنه، قال: "واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال: (لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي، أو قال إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني) [البخاري (3/796) و مسلم (2/776) واللفظ له]
وأجمع المسلمون على أن صيام شهر رمضان فريضة لازمة لكل مسلم بالغ قادر، خلا من عذر شرعي. [المغني لابن قدامة (3/3)]

كيف يؤهل الصيام صاحبه للسفر إلى الجنة؟

المسلم الذي يصوم رمضان، إيمانا بالله وبرسوله واليوم الآخر، محتسبا صيامه وأعماله الصالحة فيه عند ربه، جدير بأن يكون أهلا للسفر إلى جنة الخلد...
فالصائم بهذه الصفة، قد سيطر على نفسه وهواه وشيطانه، وهذه الثلاثة هي التي تلازم الإنسان وتلجئه إلى تعاطي أي شيء يشتهيه، ما لم يصده عنها صاد حسي أو معنوي.

المانع الحسي عدم قدرة الإنسان على تعاطي ذلك، إما بفقد الْمُشْتَهى، وإما لرقابة بشريه تحجزه عن ذلك مع وجوده، وهذا المانع غير مُجْدٍ إذا وجد المشتهى، وفقد الحاجز.

أما المانع المعنوي المؤثر، فهو ما يصاحب الإنسان في كل حالاته: في حال خلوته بنفسه وعدم وجود المخلوقين معه، وفي حال جلوته ، أي اختلاطه بالناس، هذا المانع هو قوة إيمانه بربه، واستحضار عظمته، وكمال إحاطة علمه، وكمال قدرته على مجازاته، فرقابته رقابة إلهية تصبح عنده رقابة ذاتية، ثابتة في قلبه، مانعة لجوارحه من الإقدام على ما لا يرضي ربه.

وذكر العلماء أن من أسباب قول الله تعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا الذي أجزي به) أن الأعمال الأخرى غير الصيام واضحة يستطيع فاعلها أن يرائي بها الناس، كالصلاة والزكاة والحج، بخلاف الصوم فإنه بين الصائم وبين الله، لأنه عبادة غير ظاهرة.

فصيام المؤمنِ الصادقِ الإيمان، يجعله في مقام المراقبة الدائمة لربه تعالى، متمثلا كمال علمه المحيط بكل شيء، وكمال قدرته التي تصرف كل شيء، كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث الصحيحة الكثير:

قال تعالى: {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد}.آل عمران: 29-30.

وفي حديث جبريل المشهور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [مسلم (1/37)]

ومن كمال قدرته وكمال علمه تعالى، أن جعل أعضاء الإنسان تسجل عليه أعماله التي يباشرها بتلك الأعضاء، فإذا جاء وقت الجزاء والحساب شهدت عليه بكل ما اقترف، وأين يفر الإنسان من جلده وسمعه وبصره ويده ورجله، وهي تلازمه في كل مكان، بل بها يتعاطى الخير أو الشر؟!
إن أعضاء الإنسان آلات تصوير-كمرات-تصور حركاته في الليل وفي النهار في الضوء وفي الظلمة، في السر وفي العلن، وهي كذلك آلات تسجيل-كاسيت-تسجل أصواته لتحتفظ بها، فتفاجئه بما لم يكن يتوقع من شهادتها عليه، قال تعالى: ((ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون، حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}. حم السجدة : 19-23.
وقال تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}. النور: 24

وهذه هي حال الصائم، الذي يمتنع عما تشتهيه نفسه، وقد تشتد حاجته إلى تناوله، مما هو مباح له شرعا في الأصل، وبخاصة الطعام الذي لا يُدفع الجوع إلا به، والشراب الذي لا يُدفع العطش إلا به، ومعاشرة زوجه التي قد تلح على تعاطيها غريزته، وكل تلك الأمور تكون غالبا متاحة له، وفي متناول يده.

فإذا امتنع المؤمن عن تلك المشتهيات، مستحضرا عظمة الله، راغبا فيما عنده من الرضا والثواب، ورهبة مما سيلقاه - لو عصاه - من السخط والعقاب، فإنه بذلك يستحق أن يكون من وفود المسافرين إلى الجنة، التي لم يعدها الله تعالى إلا لعباده المؤمنين...
والمؤمن الحق الذي يترك ما هو مباح له في الأصل طاعة لربه، سيترك ما هو محرم عليه في الأصل من باب أولى، وبذلك يكون طاهر القلب، نظيف الجوارح، طيب السيرة، صادق السريرة، مؤهلا للقاء الله في دار ضيافته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
chamaliya
حافظ ذهبي
حافظ ذهبي
chamaliya


انثى عدد الرسائل : 221
تاريخ التسجيل : 30/05/2008

رمضان محطة سفر إلى الجنة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضان محطة سفر إلى الجنة!   رمضان محطة سفر إلى الجنة! I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 06, 2008 4:56 am

[b]: الصبر في "شهر الصبر
--------------------------------------------------------------------------------



ورد في بعض الأحاديث [من حديث أبي هريرة وسلمان وغيرهما] تسمية رمضان بـ(شهر الصبر)كما في مسند أحمد (2/263) وسنن أبي داود (2/322) والسنن الكبرى للنسائي: وفيه (شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر) (2/134) وفي سنن النسائي(4/218) وسنن ابن ماجه (1/554) ومن المراجع التي ذكر فيها ذلك، صحيح ابن خزيمة بلفظ (وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة) (3/191) وفي صحيح ابن حبان: (صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وحر الصدور) [(14/498) ومعنى "وحَر الصَّدر" : "غِشُّه ووساوسُه. وقيل: الحقد والغيظ. وقيل: العداوة. وقيل: أشدّ الغضب." والمراد سلامة صدر الصائم من تلك الأمور]

وقال في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني في الكبير، إلا أنه قال ثنا رجل من عكل ورجال أحمد رجال الصحيح (3/196)
قال في عون المعبود: قال الخطابي "شهر الصبر هو شهر رمضان، وأصل الصبر الحبس، فسمي الصيام صبرا، لما فيه من حبس النفس عن الطعام، ومنعها عن وطء النساء وغشيانهن، في نهار رمضان (7/58)

وهو جدير بأن يسمى (شهر الصبر) لأن الصائم يصبر فيه تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما، على الامتناع عما يصعب الكف عنه، وأعظمه الطعام والشراب والوقاع كما مضى.

ولا شك أن الصبر عن هذه الأمور في هذه الأيام المتوالية، من أهم مجالات تدريب النفس على الصبر على أوامر الله بفعلها، وعلى نواهي الله بتركها، في هذا الشهر وغيره.
وصبر العبد على طاعته لله في أمره ونهيه، جزاؤه الجنة، ومرافقة أولياء الله من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
كما قال تعالى: ((ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيق))[النساء (69)]
و قال تعال: ((ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم)) [النساء (13)]

والصبر عدة المؤمن التي ينال به الرضا بقضاء الله، عندما يبتلى في نفسه وأهله وماله، وهو من المبشرين بهدى الله، وأن تغشاه رحمته، ويحظى بصلواته عليه، كما قال تعالى:
((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)) (157) [البقرة]
قال الطبري رحمه الله: "وقد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا، بل تأويل ذلك عندنا أن الله تعالى ذكره أمرهم بالصبر على ما كرهته نفوسهم، من طاعة الله وترك معاصيه، وأصل الصبر منع النفس محابَّها وكفها عن هواها، ولذلك قيل للصابر على المصيبة صابر لكفه نفسه عن الجزع، وقيل لشهر رمضان شهر الصبر لصبر صائمه عن المطاعم والمشارب نهارا..." [جامع البيان عن تأويل القرآن (1/259)]
وممن فسر الصبر في آية البقرة السابقة، بصيام شهر رمضان، الإمام الشافعي رحمه الله، قال القرطبي: "وقال الشافعي هو الجوع في شهر رمضان" الجامع لأحكام القرآن [(2/173)]
والمؤمن وحده هو الذي يحظى بالخير في سرائه وضرائه، بما منحه الله من الصبر على الحالين، كما في حديث صهيب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له) [مسلم (4/2295)]

وقد أمر الله عباده المؤمنين، أن يستعينوا بالصبر والصلاة على قيامهم بما يرضيه، من تعلم دينهم الذي جاء به رسوله، وتزكية نفوسهم به، ومداومتهم على ذكره وشكره، كما قال تعالى:
((كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون (151) فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفروني (152) ياأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)) (153) [البقرة ]

وفسر بعض العلماء الصبر هنا أيضا بصوم رمضان، قال القرطبي: "وقول ثالث قال مجاهد: "الصبر في الآية الصوم" ومنه قيل لرمضان شهر الصبر، فجاء الصوم والصلاة على هذا القول في الآية متناسبا، في أن الصيام يمنع من الشهوات ويزهد في الدنيا، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتخشع، ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر الآخرة والله أعلم" [الجامع لأحكام القرآن (1/372)]

والصبر له آثاره في سلوك صاحبه، في مقامات كثيرة من حياته، يعينه فيها على فعل طاعة ربه، وترك معصيته، من تلك المقامات:
1- مقام الجهاد في سبيل الله، ومقارعة الأعداء، دفعا لعدوانهم، وتحطيما لسدود الصد عن تبليغ الإسلام إلى الناس، فالمجاهدون في سبيل الله يثبتهم الله بالصبر وهم قليلة، ويمنحهم النصر على الأعداء وهم فئة كثيرة، ويكون تدريب المجاهدين واختبارهم، هو طاعة قائدهم، في تحديد كمية ما تشتهيه أنفسهم مما هو مباح لهم في الأصل، كشرب الماء، وهو شبيه بالصيام.

قال تعالى: ((فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)) [البقرة (249)]

والصبر قرين الجهاد في فتح أبواب الجنة، كما قال تعالى: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)) [آل عمران (142)

2- مقام الدعوة إلى الله التي ينال فيها الدعاة إلى الله وأتباعهم من الفتنة والأذى، ما لا طاقة لهم على تحمله إلا بالصبر، كما قال تعالى: ((ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين)) [الأنعام (34)]
وقال تعالى: ((فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون)) [الأحقاف (35)]
وقال تعالى: ((ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم)) [النحل (110)]

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، يربي أصحابه على الصبر في وقت الشدة والضعف، على الصبر على ما يصيبهم من أذى، اقتداء به.
كما في حديث خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) [مسلم (2/1322)]

3- مقام الاعتداء على الصائم بالسب والشتم أوالمقاتلة، التي يحق له فيها أن يعامل من يسبه ويشتمه بمثل ما فعل، ولكنه يؤثر عدم استعمال هذا الحق، ويتقي خصمه بصبره وصيامه، كما في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها) [البخاري (2/670)]
وصبر الصائم على الشتم والسب أمر مطلوب، أما صبره على المقاتلة، بحيث يُعتَدَى عليه بالضرب ونحوه، ففيه إشكال، وهو أن المسلم مأمور بالدفع عن نفسه، وسكوته على العدوان عليه بالفعل، استسلام وخضوع لا يليق به، وأجيب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن المقاتلة تأتي بمعنى المشاتمة، وهي تأتي بمعنى ذلك، وعلى هذا فلا إشكال.
الجواب الثاني: أن المراد بالمقاتلة تهيؤ المعتدي على الصائم لمقاتلته، وليس المراد مباشرة ذلك فعلا، فإذا رأى الصائم من خصمه استعدادا لمقاتلته، فعليه أن يبادره بقوله: (إني صائم) لعل ذلك يجعله يرجع عما عزم عليه.
فإن تمادى وبدأ بمقاتلته بالفعل، فعليه أن يدفع عن نفسه، بالأخف فالأخف من الدفع، كالحال مع الصائل. ]راجع فتح الباري (4/105)]

4- مقام هياج النفس ورغبتها في قضاء وطرها بلقاء الرجل المرأة بسبيل شرعي، مع عدم القدرة على ذلك، فإن الصوم من أهم ما يعينه على الصبر حتى يهيئ الله له ما يحقق له رغبته.
وفي هذا المعنى روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء). [البخاري (2/673) ومسلم (2/1018)]
والخلاصة أن الصوم مُعِينٌ لصاحبه على الصبر في مقامات كثيرة من حياته، وفي تسمية شهر رمضان بـ(شهر الصبر) إشارة واضحة إلى هذا المعنى، والصائم الصادق في صومه، جدير بأن يكون صيامه لشهر رمضان، دافعا له على الصبر على فعل الطاعات وترك المعاصي في شهر رمضان، وما تلاه من شهور، إلى رمضان آخر، جعلنا الله جميعا من الصائمين الصابرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
chamaliya
حافظ ذهبي
حافظ ذهبي
chamaliya


انثى عدد الرسائل : 221
تاريخ التسجيل : 30/05/2008

رمضان محطة سفر إلى الجنة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضان محطة سفر إلى الجنة!   رمضان محطة سفر إلى الجنة! I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 06, 2008 5:01 am

قيام الليل

شهر رمضان كغيره ظرف لأداء الفرائض والنوافل، إلا أنه يزيد على بقية الشهور، بزيادة فرض صيامه، وكثرة نوافله ومضاعفة حسناته.

والواجب على المسلم المحافظة على ما فرض الله عليه من عباداته، التي لا يسقط حكمها عنه في جميع الأوقات، كالصلوات الخمس التي هي ركن من أركان الإسلام.
وينبغي أن يكون في محافظته على تلك الفرائض في رمضان، أشد حرصا من محافظته عليها في غير رمضان، لأن أجره مضاعف على عبادته في هذا الشهر الكريم، وأداء الفرائض أحب إلى الله من أداء غيرها، وإن كان كلاهما محبوبا له تعالى.
كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (...... وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه .........) البخاري (5/2384)
فلا يجوز للصائم التساهل في أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها، بالنوم عنها حتى يخرج وقتها، متذرعا بما يقوم به من نوافل الطاعات، كصلاة التراويح.

بل لو فرض أن صلاة التراويح وهي نافلة، كانت سببا في نومه عن صلاة الفجر حتى يخرج وقتها، وجب عليه التخفيف من صلاة التراويح بالقدر الذي يتمكن معه، من أداء صلاة الفجر في وقتها،،،،،،

والمحافظة على الصلاة المفروضة في الجماعة في المساجد، أولى من المحافظة على التراويح في ذلك، إذا فرض أن المسلم لا يستطيع الجمع بينهما,,,,
مع العلم أنه – في الغالب – يستطيع الجمع بين الأمرين، وهذا هو الذي ينبغي أن يجتهد في فعله في حدود طاقته، ليجمع بين الفضيلتين في شهر الفضائل.

أما الذي يقصر في الأمرين أو في أحدهما، مشتغلا بتوافه الأمور عنهما، فهذا شخص مُفَرِّط محروم، جدير أن يعود على نفسه بالندم واللوم، لأنه تعمد أن يخسر في موسم الغنائم والأرباح، فاستبدل الخيبة والأحزان، بالمراحم والأفراح.

ولنعد إلى الكلام عن قيام الليل، فهو مشروع في كل ليلة من ليالي عمر المسلم، وقد كان في أول الأمر مفروضا، على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأن فيه تسلية لهم عما كان يصيبهم من الفتنة والأذى، عند مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تولت السيرة النبوية تفاصيل تلك الفتنة وذلك الأذى، فكان في كثرة لجوئهم إلى الله ومناجاته وقوة الصلة به، ما يفرغ على قلوبه الصبر، وعلى نفوسهم الطمأنينة والثقة بالعزة والنصر.
قال تعالى: ((ياأيها المزمل(1)قم الليل إلا قليلا(2)نصفه أو انقص منه قليلا(3)أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا(4)إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا(5)إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا(6)إن لك في النهار سبحا طويلا(7)واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا(Coolرب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا)) (9) [المزمل]

قال سيد قطب رحمه الله ـ عند قوله تعالى: ((إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)) [المزمل: 5]: "وإن قيام الليل والناس نيام والانقطاع عن غبش الحياة اليومية وسفاسفها، والاتصال بالله، وتلقي فيضه ونوره والأنس بالوحدة معه والخلوة إليه، وترتيل القرآن والكون ساكن، وكأنما هو يتنزل من الملأ الأعلى، وتتجاوب به أرجاء الوجود في لحظة الترتيل، بلا لفظ بشري ولا عبارة، واستقبال إيحاءاته وإيقاعاته في الليل الساجي.
إن هذا كله، هو الزاد لاحتمال القول الثقيل، والعبء الباهظ والجهد المرير، الذي ينتظر الرسول، وينتظر من يدعو بهذه الدعوة في كل جيل، وينير القلب في الطريق الشاق الطويل، ويعصمه من وسوسة الشيطان، ومن التيه في الظلمات الحافة بهذا الطريق المنير). [في ظلال القرآن (29/3745)].

قال ابن جرير : "عن ابن عباس في قوله: ((قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا)): فأمر الله نبيه والمؤمنين بقيام الليل، إلا قليلا فشق ذلك على المؤمنين، ثم خفف عنهم، فرحمهم وأنزل الله بعد هذا: ((علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض)) إلى قوله: ((فاقرءوا ما تيسر منه)) فوسع الله وله الحمد، ولم يضيق" [تفسير الطبري (29/125) ويراجع تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: (4/436)]

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، شديد الحرص على قيام الليل، شديد الاجتهاد في ذلك، فكان يقوم حتى تتورم قدماه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر طمعا في أن يكون كثير الشكر لربه.
كما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتَكَلَّفُ هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال (أفلا أكون عبدا شكورا)؟ [البخاري (1/380) ومسلم(4/2171)]

وكان كذلك شديد الحرص على قيام أصحابه بصلاة الليل، ليكونوا من عباد الله الصالحين، ولينالوا مغفرة الله ورحمته، كما روى أبو أمامة الباهلي، عنه صلى الله عليه وسلم، قال: (عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة لكم إلى ربكم، ومكفر للسيئات، ومنهاة عن الإثم) [سنن الترمذي (5/552) والمستدرك على الصحيحين (1/451)وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" وهو في صحيح ابن خزيمة (2/176)
هذا في قيام الليل بصفة عامة...

ولرمضان خصوصيته في قيام الليل.
كان من الغالب المعتاد أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم، النوافل الراتبة وغير الراتبة، في منزله، ومنها قيام الليل في جوف الليل، كما قال لمعاذ بن جبل: (...إن شئت أنبأتك بأبواب الجنة) قلت: أجل يا رسول الله قال: (الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله) قال ثم قرأ هذه الآية: ((تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون)) [جزء من حديث طويل، أخرجه الترمذي (5/11) والحاكم في المستدرك (2/447) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"]

ولكنه صلى الله عليه وسلم، خص رمضان بالقيام في مسجده، والظاهر أنه أراد أن يقتدي به أصحابه، و يجتهدوا في العبادة هذا الشهر الكريم، كما يرونه يجتهد فيه، وقد توافد أصحابه عندما علموا ذلك إلى المسجد للصلاة وراءه، وزاد عددهم ليلة بعد أخرى، فخشي صلى الله عليه وسلم عليهم المشقة عليهم، أو ظنهم أنها مفروضة
روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح، قال: (قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان) [البخاري (1/380)]

ثم صلى الصحابة رضي الله عنهم، قيام الليل في رمضان بعد وفاة رسولنا الكريم صلى الله علبيه وسلم، في مسجده فرادى أو جماعات، بعد وفاته، فلما رآهم عمر يفعلون ذلك جمعهم على إمام واحد يصلون خلفه جماعة، لأنهم أمنوا ما كان يخشاه من كتابة قيام رمضان عليهم، لانقطاع الوحي...

روى عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلى الرجل لنفسه، ويصلى الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: "والله إني لأراني لو جمعتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل" فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس [لعله: "وراء"] قارئهم فقال عمر: "نعمت البدعة هذه، وتلك التي تنامون عنها، أفضل من التي تقومون، يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله [الموطأ (1/114)
وقوله : "نعمت البدعة" ليس المراد أنها بدعة مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يتهم بعض الفرق بذلك عمر رضي الله عنه، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أقر أصحابه على صلاتهم بعده، ثلاث ليال أو أربعا، وإنما لم يستمر بهم على ذلك، لعلة ذكرها لهم، وهي (ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تفرض عليكم)
فالبدعة المذمومة هي التي لا أصل لها في الشرع، أما ما له أصل، فإطلاق البدعة عليه إطلاق لغوي لا شرعي.
قال ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك قيام رمضان، قد قال: (إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وقام في أول الشهر بهم ليلتين، وقام في آخر الشهر ليالي، وكان الناس يصلون على عهده في المسجد فرادى وجماعات، لكن لم يداوم بهم على الجماعة، خشية أن تفرض عليهم، وقد أمن ذلك بموته. وقد قال في الحديث الذي رواه أهل السنن، وصححه الترمذي وغيره: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فان كل بدعة ضلالة)
فما سنه الخلفاء الراشدون، ليس بدعة شرعية ينهى عنها، وإن كان يسمى في اللغة بدعة، لكونه ابتدئ، كما قال عمر: "نعمت البدعة هذه..." [مجموع الفتاوى (21/319) يراع تفسير القرطبي 02/87)]

حظوظ الناس في صلاة التراويح المسلمون في شهر رمضان، ثلاثة أقسام:

القسم الأول:
من جاهد نفسه في شهور السنة الأخرى، قبل رمضان وبعده، للقيام بطاعة الله، فيحافظ على الفرائض، ويترك المحرمات، ويؤدي كثيرا من النوافل، ومنها قيام الليل في جوف الليل....

وقد لا يفوته صيام النفل المشروع، كصيام يومي الخميس والاثنين كل أسبوع، وصيام الأيام البيض [14،13، 15] من كل شهر، وصيام يوم عاشوراء، ويوم وأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، من كل عام، وبخاصة اليوم التاسع منه لغير الحاج، وقد يرتقي إلى صيام داود، بحيث يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا أندر من الكبريت الأحمر...

وهذا القسم أصبحت طاعة الله تعالى سجية له، مستعينا عليها بالله تعالى..
(( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) [الفاتحة:5].
(( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ )) [البقرة:45].

طاعة الله والإكثار منها، أكثر لذة عنده من تناول ألذ الأطعمة، عندما يشتد به الجوع، وأعظم راحة وفرحة وسروراً واطمئناناً، من شرب الماء الفرات الزلال الصافي البارد، عندما يشتد عطشه....

فهو من الراجين لربهم أن يبلغهم شهر رمضان، ويوفقهم لصيامه وقيامه، والإخلاص له فيه...فتجده مجتهداً – في حدود طاقته – في القيام بطاعة الله، وبخاصة قيام الليل...

فإذا وقف في الصف وراء الإمام وهو يرتل آيات الله من كتابه، أقبل إلى الله في خشوع وتذلل وانكسار، وتدبر وتأمل واستحضار..
متمثلاً عظمة منزل هذا الكتاب..
طالباً عند سماع آيات الرحمة المزيد من رحمته..
مستعيذاً عند سماع عذابه من سخطه ونقمته..
متفكرا في آيات الكتاب المقروء، التي يجد فيها أسماء الله وصفاته فيمتلئ بها قلبه يقيناً وإيماناً، وتزداد نفسه خضوعاً لربها واستسلاماً وإذعاناً.

ويحلق به القرآن في ملكوت السماوات والأرض، فإذا هو مع ما خلق الله في سماواته، من النجوم والكواكب والأفلاك، ومن الشموس والأقمار والمجرات والأملاك..

ومع ما خلق الله في الأرض، من إنس وجن، ومن الجبال لراسيات، والبحار الهادرات، والأنهار الجاريات، و الوحوش العاديات، والصحاري والغابات، والأفيال العظيمات والنمل الصغيرات..

أدعو القارئ أن يفتح مصحفه الآن ويتلو بتأمل من الآية (3) إلى الآية (19) من سورة النحل على سبيل المثال.

وتمر به آيات الموت والقبور، وآية القيامة والقارعة والطامة، وآيات البعث والنشور، وآيات الجزاء والحساب، وآيات الرحمة والعذاب، فتهز قلبه هزاً، وتدفعه إلى التوبة والاستغفار دفعاً، فتنهمر من عينيه الدموع، ويحل في قلبه الخشوع، ويطير قلبه شوقاً إلى الجنان، ويشتد رهبه وهربه من النيران..

ويسمع الإمام وهو يتلو الآيات المتعلقة بحقوق ربه عليه وحقوق رسوله، وبحقوق نفسه، وحقوق أهله من الآباء والأزواج والأولاد، وغيرهم من الأقارب والأرحام، وحقوق والأجراء والعبيد، وحقوق أئمة المسلمين وعامتهم، وحقوق من يحيط به من الجيران.

كما يسمع آيات الحلال والحرام، والدعوة إلى التقوى والنهى عن الإجرام، فيدعو ربه أن يوفقه للسمع والطاعة وإعطاء كل ذي حق حقه، والبعد عن كل الآثام...

وهم بجميع أذكارهم في صلاتهم واعون، من قراءة و تكبير وتسبيح وتحميد.

إن صلاة أهل هذا القسم، هي الصلاة، التي له جسم وروح، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر…

فيعود من مسجده وقد امتلأت خزينته من الخير الكثير والربح الوفير، فطوبى لمن كان لأهل هذا القسم رفيقا.

القسم الثاني:
من يحافظ على الفرائض في أوقاتها – غالباً – وقد يتأخر عن بعضها، فيستغفر ويتوب، وقد يتكرر التقصير وتتكرر معه التوبة، ولكنه قليل الحرص على نوافل الطاعات، بل قد لا يأتي منها شيئا مكتفياً بمجاهدة نفسه على ما فرض الله عليه..

محاولا تشبيه نفسه بـ"ضمام بن ثعلبة" رضي الله عنه، عندما قال:
"والله لا أزيد عليها ولا أنقص" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق ).

وهذا القسم قد يجد حافزاً قوياً، من الجو الإسلامي العام، الذي يستقبل المسلمون فيه شهر رمضان، ومن أقاربه وأصدقائه ورفقاء عمله الصالحين من القسم الأول، فيحاول مع صيامه رمضان، أن يحافظ على الصلوات المفروضة في أوقاتها في المساجد، وقد يعتريه الكسل أحياناً، ولكنه يسدد ويقارب..

ويجتهد في حضور صلاة التراويح كلها أو بعضها، وقد يتركها أحياناً، استجابة لتثبيط من الشيطان، وركوناً على طبيعة النفس التي قد تثقل عليها ملازمة الطاعات.

وكثير من أهل هذا القسم يقل إقبالهم على تدبر آيات القرآن التي يتلوها على مسامعهم أئمة المساجد، فيصغون لآية أو آيتين، ويغفلون عن آيات أو سور، مشغولين بغير الصلاة خارجها، من أهل وأولاد، أو تجارة وأموال، فيحرمون أنفسهم أجر التدبر، وفقه الإنصات والتذكر، فيقل أو يفقد خشوعهم، ويكتفون بقيامهم وقعودهم، وخفضهم ورفعهم، ركوعهم وسجودهم.

يكبرون عند قيامهم وقعودهم، ويسبحون في حال ركوعهم وسجودهم، وهم عن غالب معاني الذكر غافلون....

وأهل هذا القسم قد لا تؤثر فيهم صلاتهم التأثير المطلوب، ولهذا تجد كثيراً منهم، يخلطون عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ولكنهم يرجى لهم أن تشملهم رحمة الله مع الجماعة، ويرجى لهم من الله المغفرة والرحمة والتوفيق، لأنهم حاولوا أن يسدد ويقاربوا، وفضل الله على عباده عظيم..

القسم الثالث:
من صرعه الشيطان مبكراً، وغلبته نفسه وقاده هواه إلى عصيان مولاه، واستعبدته شهواته، فأصبح تعيساً في غالب أوقاته، لا يذكر الله إلا قليلاً..

تحققت فيه دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار والدرهم، والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض ) [البخاري (3/1057) من حديث أبي هريرة.]

الدينار والدرهم معروفان، والقطيفة والخميصة، من أنواع الأكسية والبسط اللينة الجميلة....

وهذا يعني أنه اهتم بهذه الأمور اهتمام العبد بسيده، فألهاه ذلك عن معبوده الحق.

وهذا القسم يأتيه رمضان في البلدان الإسلامية، وهو مكتئب الحال، منقبض النفس، ضيق الصدر، لأنه لا يريد مفارقة عادته المألوفة، وقدرأي غالب المجتمع متجها إلى طاعة الله، ممسكاً عما كان مباحاً له من الطيبات، قبل دخول شهر رمضان.

قد يصعب عليه أن يجاهر بمعاصيه في النهار – إن كان بقي عنده شيء من الحياء – فيحاول الهروب إلى النوم طول نهاره، ثم السهر على معاصي الله طول ليله، ينهب فيه كل ما تمكن من تناوله..

المسلمون يتجهون إلى المساجد لعبادة الله، وهو يتجه إلى المراقص والمسارح وأسواق المسكرات.

وينبغي لأهل هذا القسم لأن يبادروا بالتوبة إلى الله، وأن يعلموا أنه تعالى يقبل توبة التائبين، ويغفر ذنوب المذنبين، وأن التوبة تجب ما قبلها، وقد يبدل الله سيئاتهم حسنات، وهو تعالى شديد الفرح بتوبة التائبين..

وعليهم أن يغنموا شهر رمضان الذي يسهل فيه فعل الطاعات، و ترك المعاصي والمنكرات..

و( رغم أنف عبد أدرك رمضان ولم يغفر له فيه ) أو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) [البقرة:200-202].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
حافظ ذهبي
حافظ ذهبي
نور الهدى


انثى عدد الرسائل : 348
تاريخ التسجيل : 31/05/2008

رمضان محطة سفر إلى الجنة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضان محطة سفر إلى الجنة!   رمضان محطة سفر إلى الجنة! I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 07, 2008 11:00 pm

جزاك الله خيرا اختي بارك الله فيكـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رمضان محطة سفر إلى الجنة!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعه رمضان الشامله ((خطب فتوى فلاشات )) بمناسبه قدوم شهر رمضان __ اتمنى التثبيت
» امرأة من أهل الجنة ..!!
» زهور من حدائق الجنة...
» أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك.........الطريق إلى الجنة
» رمضان في بلادي....

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحفظة للقرآن الكريم :: ..:: القســـــــــــــــم العـــــــــــــــــــام ::.. :: الخيمة الرمضانية-
انتقل الى: