admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 733 تاريخ التسجيل : 27/03/2008
| موضوع: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. الثلاثاء مايو 20, 2008 12:42 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد :
لا شك في أن الإنسان السوي هو ذلك الشخص الذي يعيش داخل جماعته وبين أحبابه وإخوانه في طمأنينة وسلام.. وحب ووئام.. بعيدا عن التباغض والتشاحن.. والتناجش والتطاحن..
الإنسان السوي هو ذلك الشخص الذي وُفق لإيجاد صحبة ناجحة.. ورفقة ناصحة.. وأخوة صالحة..
الإنسان السوي هو ذلك الشخص الذي تجاوز العزلة - لأنه اجتماعي بطبعه- ليعيش بين الناس دون أن يتأثر بسلبياتهم ومساوئهم.. دون أن يتأثر بطبائعهم الفاسدة.. وأخلاقهم الجامدة..
إذا عُلم هذا.. فاعلم أن أي علاقة مصيرها إلى الزوال إذا لم تكن مرتبطة بالخالق جل وعلا.. وأن أي أخوة مصيرها إلى الفناء إذا لم تتأسس على حب الله.. أو إذا لم يجمع بين الأخوين فيها حب الله تعالى..
إن أول شيء قام به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مباشرة هو تحقيق الإخاء بين المهاجرين والأنصار.. تلك الأخوة التي جمعت بين الأبيض والأسود.. بين الغني والفقير.. وساوت بينهم في الحقوق والواجبات؛ إنها الأخوة العقدية الدينية.. أوثق رابطة وأمتن صلة.. إنها الأخوة التي جمعت بين سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي.. فلم يتعصب أحد لأصله وسقط رأسه أو قبلته وجنسه..
وإن الناظر بعين البصيرة في أخوة هذا العصر يرى العجب العجاب.. فبين مائل للعزلة متطرف للانكماش والانغلاق.. وبين متجه للانفتاح والمخالطة بدون قيود أو حدود.. والقليل القليل من وفقه الله للوسط والاعتدال في العشرة مع الإخوان والخلان.. ولقد أصبحت الأخوة الإسلامية شيئا نادرا قليل الوجود..
إن الأخوة الإسلامية معناها أن يجد الإنسان من يشاركه همومه وأحزانه.. سواء كانت دنيوية أم أخروية دينية؛ كهم الدعوة لهذا الدين- وهو أعظم الهموم-..
الأخوة الإسلامية معناها أن يجد الإنسان من يشاركه أفكاره ويلتقي معه في أهدافه النبيلة ومراميه السامية الأصيلة..
الأخوة الإسلامية معناها أن يجد الإنسان من يشد على يديه إذا أخطأ.. ويذكره إذا نسي.. ويعظه إذا غفل.. وينصحه إذا أساء أو ظلم نفسه أو غيره..
هذه هي الأخوة الإسلامية التي فقدت من زمن بعيد.. وحل محلها علاقات هشة ورباطات وهنة تتأسس على الطمع والحسد والجشع والنهم.. فصديقك أو من تحسبه أخاً لك ينتظر منك وقتا يفاجئك فيه بخيانة لم تكن تحسب لها حسابا.. ولم تكن تعتقد أن يفتح لها بابا..
أين الآن ذلك الأخ المخلص الذي يحفظ الأسرار..بل ويدفنها تحت سبع أراضين.. والله إن الإنسان لم يعد يملك من الثقة في الإخوان والخلان ذلك القدر الذي يمكنه من البوح بأسراره وبث همومه وأحزانه.. حتى صار يضرب المثل: "صديق اليوم عدو الغد" ويقولون: "احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة.. فلربما انقلب الصديق فصار أعلم بالمضرة" وهكذا فالإنسان لا يدري صديقه من عدوه.. ويقولون: "سرك صدرك"..
إنك في هذا الزمان إذا وجدت من يضرك فلن تجد من ينفعك.. وإذا وجدت من يكون عليك فلن تجد من يكون لك.. إلا من رحم الله جل وعلا (( وقليل ما هم ))..
إن الإنسان ليفضل العزلة والتقوقع والابتعاد عن الخلطة والانفتاح ليغلق عليه باب بيته.. فيسلم من الفضول.. ويبتعد عن سيئ القول.. فرب كلمة أثرت في سامعها سلبا.. أو فهمها فهما خاطئا فصارت حبلا حول عنقك وصرت محلا للنقد.. وموضعا للرأي والأخذ والرد..
ولقد يضطر الإنسان إلى مسلك صعب وطريق وعر يظن فيه النجاة ويبتغي فيه السلامة من غيبة مغتاب.. وفهم شخص مرتاب.. فيجعل الصمت له خير ملجأ ومآب.. ويرى السكوت في الذهاب وفي الإياب.. ولكن.. لا فرار ولا مناص.. فالطبع مصاص.. والإنسان عاص.. واللسان قناص.. فلا يلبث مليا حتى يتكلم ويثرثر.. وعندها يندم ويتضجر.. ويأسف ويتأثر.. فيعيد الكرة مرارا.. فمرة يتقدم وتارة يتأخر.. ولكن لا فرار ولا مناص.. فهو من الناس وإلى الناس وبين الناس.. والصمت قاس قاس قاس.. والسكوت حل عظيم البأس.. ينقل الإنسان من التفاؤل إلى اليأس.. فيضطر للحديث مع الناس.. وهكذا فاليوم مثل الأمس..
( في الحقيقة لم أكن أود أن أعقد الأسلوب إلى هذه الدرجة.. ولكني وجدت المتعة في هذا النوع من الأسلوب المسجوع.. من تزويق وتنميق.. وأستسمح من جديد.. فالموضوع بعيد.. والورق عديد.. والعمر لا أدري أقصير أم مديد؟!! )
بقي في الأخير أن أشير إلى تلك القلة القليلة التي لا تزال متمسكة بهدي نبيها في مسألة الأخوة الإسلامية.. وأورد هذه الإشارة لهم حتى لا يظن ظان ولا يعتقد معتقد أن زماننا قد خلى من أناس طيبين وخيرين.. إنهم أناس أحبوا الله ورسوله.. فأحبوا كذلك من يحب محبتهم ويشاركهم في حبهم لله ورسوله.. لقد علموا ما أعده الله للمتحابين في جلاله والمتآخين في رضوانه.. فسارعوا لقضاء حوائج الناس كل حسب استطاعته.. وبادروا بإسداء النصح والإرشاد لمن يحتاجه..
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا منهم.. وأن يوفقنا لأداء حق الأخوة الإسلامية.. وتطبيقها في واقعنا ومجتمعنا..
قال صلى الله عليه وسلم: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: - وذكر منهم- ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه )..
فاللهم إني أسألك حبك.. وحب من يحبك.. وحب عمل يقربنا إليك.. اللهم يسر لنا الرفقة الصالحة والبطانة الناصحة.. ولا تفتنا في إخواننا.. ولا تفرق بيننا وبينهم يا رب..
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
في يوم الأربعاء 26/02/2003 | |
|
محبة الفردوس عضو مميز
عدد الرسائل : 706 تاريخ التسجيل : 19/05/2008
| موضوع: رد: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. الثلاثاء مايو 20, 2008 2:12 am | |
| موضوع رائع و كتب بطريقة حقا مشوقة و تسلسل يجذب القارئ اشكرك جزيل الشكر و جعله الله في ميزان حسناتك | |
|
ماشي في نور الله حافظ ذهبي
عدد الرسائل : 108 تاريخ التسجيل : 05/06/2008
| موضوع: رد: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. الخميس يونيو 12, 2008 12:29 pm | |
| نعم أخي والمثل الأعلى في الاخوة التي كونها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار شكرا اخي الموضوع رائع ومميز | |
|
admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 733 تاريخ التسجيل : 27/03/2008
| موضوع: رد: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. الخميس يونيو 12, 2008 4:26 pm | |
| بارك الله فيك.. أسعدني مرورك.. | |
|
زهرة الإسلام مشرفة
عدد الرسائل : 1025 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: رد: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. السبت يونيو 14, 2008 12:49 am | |
| ولقد يضطر الإنسان إلى مسلك صعب وطريق وعر يظن فيه النجاة ويبتغي فيه السلامة من غيبة مغتاب.. وفهم شخص مرتاب.. فيجعل الصمت له خير ملجأ ومآب.. ويرى السكوت في الذهاب وفي الإياب.. ولكن.. لا فرار ولا مناص.. فالطبع مصاص.. والإنسان عاص.. واللسان قناص.. فلا يلبث مليا حتى يتكلم ويثرثر.. وعندها يندم ويتضجر.. ويأسف ويتأثر.. فيعيد الكرة مرارا.. فمرة يتقدم وتارة يتأخر.. ولكن لا فرار ولا مناص.. فهو من الناس وإلى الناس وبين الناس.. والصمت قاس قاس قاس.. والسكوت حل عظيم البأس.. ينقل الإنسان من التفاؤل إلى اليأس.. فيضطر للحديث مع الناس.. وهكذا فاليوم مثل الأمس.. أعجبني كثيرا أسلوبك في هذه الفقرة ، جميل جدا ذكرتني بدروس علم البديع و البلاغة ما شاء الله معاني راقية و أسلوب جميل بارك الله فيك | |
|
admin مدير المنتدى
عدد الرسائل : 733 تاريخ التسجيل : 27/03/2008
| موضوع: رد: الأخوة المفقودة.. بقلمي المتواضع.. السبت يونيو 14, 2008 1:20 am | |
| وأنا أعجبني مرورك المبارك العطر.. وبصراحة.. الكتابة المسجوعة أجمل كتابة.. لكم ينبغي الاهتمام بالمعنى أولا.. لأن كثيرا من الكتاب ينساقون وراء اللفظ فيقع خلل في المعنى.. | |
|